إذ لا شك في أن وجوب الصوم قد شرع وجعل إلى زوال الحمرة دون ما بعده، وإنما الشك في أنه هل زالت الحمرة أم لا؟ ويتبعه قد شك في بقاء وجوب الصيام، وعدم الوجوب الشخصي ليس مسبوقا باليقين السابق فإن اليقين قد تعلق بشخص الوجوب، كما لا يخفى.
نعم، وجوب الصوم في هذه القطعة المشكوكة من الزمان كان مسبوقا بالعدم من باب السالبة بانتفاء الموضوع، فإن الزمان لم يكن متحققا فلم يكن وجوب الصيام فيه وعدم وجوبه أيضا متحققين، والسبق بهذا الوجه لا يكفي في الاستصحاب، وإلا لما جرى استصحاب أصلا، فإن الطهارة في زمان الشك يعلم بعدم وجودها قبل زمان الشك، لعدم تحقق هذا الزمان ويتبعه عدم تحقق الطهارة المتحققة فيه، فلو كان سلب المحمول المستند إلى سلب الموضوع كافيا في ثبوت سلب المحمول بالاستصحاب لما جرى استصحاب بلا معارض أصلا.
فالحق أن ما يجري ليس الا استصحاب الوجوب، ولا يجري استصحاب عدمه أصلا. نعم مسألة محكومية استصحاب الحكم بالاستصحاب الجاري في موضوعه أيضا أمر صحيح، وهو مطلب آخر يجب الالتزام به كلما كان جريان استصحاب الموضوع خاليا من الإشكال، والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
الأمر الثالث في أن الاستصحاب يختص بالوضعيات أم هو جار مطلقا؟
قد نسب إلى صاحب الوافية اختصاص اعتباره بالوضعيات، إلا أن المستفاد من كلامه أنه يجري في ما هو مصداق الشرط والمانع وما إليهما، فراجع المنقول عنه في فرائد الشيخ الأعظم (قدس سره).
وكيف كان فعدم اختصاصه بها لعله أمر واضح بعد إطلاق الأخبار الدالة عليه، وسنعود إليه إن شاء الله تعالى، إلا أنه قبل البحث عنه لا بأس بالبحث عن الأحكام الوضعية، وأنها مجعولات كالأحكام التكليفية أم لا؟ فنقول: إن تنقيح