الثالث: أن لا يكون ذلك الأمر جزء عبارة مركبة، بل كل نص بين فيه أجزاء ذلك المركب كان دالا على عدم جزئيته ما لم يذكر فيه، فيكون نفي الجزء المختلف في جزئيته حينئذ منصوصا لا معلوما بالأصل، كما لا يخفى.
وفيه أولا: أنه ليس كل جزء عبادة مركبة كذلك، فإن من المحتمل أن لا يكون في مورد بعض العبادات نص في مقام البيان شارح لأجزائها لكي يتمسك بمفهومه على انتفاء جزئية ما عدا ما ذكر فيه.
وثانيا: أن مآل هذا الشرط إلى الشرط الثاني، أعني إحراز عدم النص في الواقعة، وقد مر الكلام عليه.
قاعدة لا ضرر:
وحيث انجر بنا الكلام إلى اشتراط عدم الضرر في جريان البراءة وكان المستند له حديث لا ضرر، فلا بأس بالبحث عن قاعدة لا ضرر استطرادا، تبعا للمشايخ العظام قدس الله أسرارهم.
فنقول: إن الأخبار الواردة فيها مستفيضة كثيرة من طرق الخاصة والعامة، بحيث لا يبعد لو ادعى أحد تواترها، كما عن فخر المحققين.
1 - فقد روى المشايخ الثلاثة الأقدمون في الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه، في الموثق عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، وكان يمر به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة، فلما تأبى جاء الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه وخبره الخبر، فأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخبره بقول الأنصاري وما شكا، وقال: إن أردت الدخول فاستأذن، فأبى فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق يمد لك (1) في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)