إلا أنه يرد على الاستدلال به أولا: أن أبا الحسن زكريا بن يحيى المذكور في السند مشترك بين التميمي والواسطي الثقتين، وبين الحضرمي والكلالي والنهدي والنصراني الأب المجهولين، وإن ذكر صاحب جامع الرواة هذه الرواية ذيل ترجمة الواسطي الثقة إلا أنه لا حجة فيه، فالرواية ليس فيها حجة.
وثانيا: أن الحجب وإن صح إسناده إلى الله تعالى بالتقريب والتوجيه المذكور إلا أنه قد يكون مبنى الإسناد هو تعلق عناية خاصة منه تعالى بالحجب، ألا ترى إلى قوله تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * (1) ففي هذه الآية المباركة قد أسند إلى الله تعالى البيان المقابل للكتمان، وإلى الذين ذكروا فيه كتمان ما أنزله الله، مع أن الكتمان هنا بالتوجيه المذكور هناك يصح إسناده إلى الله، ومع ذلك فقد أسند الكتمان المساوق للحجب إلى المذكورين والتبيين المقابل له إلى الله تعالى، وحينئذ فمن المحتمل أن يكون مبنى إسناد الحجب إلى الله تعالى في الحديث هو بعينه مبنى الإسناد في الآية المباركة، ومعه فلا يسند إلى الله الحجب، وإنما يسند إلى غيره الحجب، وإليه تعالى البيان والإعلام، ومع هذا الاحتمال فلا حجة في هذا الحديث.
ومنها: " حديث السعة ".
ففي مستدرك الوسائل، عن عوالي اللآلي: أن النبي (صلى الله عليه وآله): قال: " الناس في سعة ما لم يعلموا " (2)، ودلالته على المطلوب واضحة، فإن الحكم بكون الناس في سعة عند جهلهم لا يكون إلا إذا لم يعاقبوا على ما لا يعلمون.
إلا أن سنده ضعيف بالإرسال، ولا سيما في كتاب خلط الغث بالسمين.
وحيث يحتمل في قراءته إضافة لفظ " سعة " إلى لفظه " ما " وأن تكون بالتنوين، ويختلف لا محالة حدود دلالته، وذلك أنه على الإضافة يكون لفظ " ما " موصولا