2 - فصل في حكم تبدل الاجتهاد إذا تبدل رأي المجتهد في الحكم الشرعي المتعلق بموضوع كلي أو في تفسير نفس الموضوع فلا محالة قد انهدم أساس الإجتهاد السابق، ولا يمكن أن يكون مقتضاه حجة في أعماله الآتية، فإنه يراه فاقدا لملاك الحجية، إما لابتنائه على ظهور انكشف له دليل على عدم إرادته، أو لعثوره على وقوع خطأ منه في بعض المقدمات كأن إعتقد وثاقة من ليس بثقة من الرواة أو اشتبه عليه أمر الاستظهار، أو لتوقفه في الاستظهار البدوي، أو في مقتضى الجمع بين الأدلة الذي كان يجزم به سابقا، أو لغير ذلك.
ومن المعلوم أنه ليس له حينئذ على صحة الإجتهاد السابق دليل، وكانت وظيفته الأخذ بما يقتضيه الأدلة عنده، ومن العجيب أن يقال: إن مستند الاجتهاد الثاني أيضا قد يكون دليلا ظنيا كالاجتهاد الأول، وليس أحد الظنين أولى بوجوب الإتباع من الآخر.
وكيف كان فعمدة الكلام في تبين حال أعماله السابقة المنطبقة على الإجتهاد السابق، ولا كلام فيها فيما إذا اقتضى الإجتهاد الثاني سعة أكثر من الأول، كأن إعتقد وجوب التسبيحات ثلاث مرات ثم تبدل رأيه واستقر على التخيير بين المرة والأزيد، فإن أعماله السابقة صحيح على كلا الاجتهادين، بل لو فرض الإقتصار على المرة الواحدة قبل تبدل الرأي، وكان بحيث تمشى منه قصد القربة لحكم بصحة هذا العمل أيضا، لفرض قيام الحجة على أن الواجب في الشرع هو الأمر المنطبق على الدفعة والدفعات، ولا يفرق فيه بين سائر الأوقات.
وإنما الكلام فيما إذا كان عمله السابق المنطبق على الإجتهاد السابق فاقدا لشرط أو جزء بمقتضى الإجتهاد الجديد، كما إذا كان معتقدا بعدم جزئية السورة أو شرطية الطمأنينة، ثم أدى إجتهاده إلى الجزئية والشرطية، أو كان تاركا لما هو الواجب - بمقتضى الإجتهاد الجديد - كما إذا كان رأيه الإكتفاء بصلاة الجمعة عن