ويكون واردا على حجية الإطلاق، ويخرج عن قابلية الاحتجاج (1).
أقول: إن انعقاد الإطلاق وإن لم يكن بالدلالة الوضعية إلا أنه إذا كان المتكلم في مقام لابد فيه من بيان تمام موضوع حكمه، كما لو سئل هل يجب إكرام العالم مطلقا أو أن فيه قيدا؟ فأجاب بأنه: " يجب إكرام العالم "، فلا ينبغي الريب في أنه يحكم العقلاء بأنه إذا انقضى مجلس الخطاب ولم يذكر لموضوع حكمه قيدا فتمام موضوع حكمه هو نفس ما ألقاه إلى المخاطب، فإذا لم يذكر له قيدا فمدلول اللفظ الموضوع للطبيعة هو تمام موضوع حكمه، ولا تتوقف استفادة هذا المعنى على أزيد مما ذكرنا، وهو معنى انعقاد الإطلاق، ومن المعلوم أنه لا يرتفع بمجرد قيام عموم في قباله وعلى خلافه.
ومنه تعرف أن باب الأخذ بالإطلاق ليس باب حجية الفعل ولا باب الأخذ بالحجة، بل إن كونه في مقام البيان وعدم ذكر قرينة على التقييد يكون دليلا على ظهور كلامه في أن المذكور فيه هو تمام موضوع حكمه، فيصير كما لو نطق بأنه تمام موضوع حكمه، ويكون بمنزلة ما لو وضع لفظ المطلق للمشروط بالإطلاق، ولو بمعنى تمام الموضوع، نظير المطلق بتفسير المشهور.
وبالجملة: فمجرد وضعية دلالة العام لا توجب تقدمه على المطلق بل يحتاج إلى قرينة أخرى.
ومنها: أنه إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص كان التخصيص أولى، كما نفى الاشكال عنه في الفرائد.
أقول: ولتوضيح المقال هنا نذكر مقدمة نبحث فيها عن أمرين:
أحدهما: أن من المسلم في كلمات الأعاظم أنه يشترط في النسخ أن يكون بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ، فلو كان ورود الدليل المتأخر قبل حضوره لما أمكن أن يكون ناسخا، والظاهر أن الوجه فيه أن النسخ هو رفع الحكم الموجود، والحكم لا يكون حكما إلا بفعلية موضوعه، فما لم يتحقق مكلف أو لم يحضر