المعتبر به لما صح إلغاء الخصوصية عنه إلى كل مورد كان في أحد التعارضين ريب لا يوجد في الآخر، كالنقل باللفظ والنقل بالمعنى، مثلا، وغيره.
وأما حديث " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " فمع قطع النظر عن عدم السند له فلم لا يبقى على ظاهره من الدعوة إلى الأخذ باليقين في إتيان الأعمال وترك المشتهيات، وإن تعدى إلى نفي أي ريب كان ولو كان نسبيا فهو هنا يقتضي أن لا يعمل بشئ من الخبرين، إذ هو أسلم قطعا، كيف؟ والعمل بما لا دليل على اعتباره بل هو محكوم بعدم الحجية فيه كمال الريب.
وبالجملة: فلا دليل على جواز التعدي عن المنصوصة من المزايا. والله العالم.
6 - فصل في حكم المتعادلين بعدما عرفت من لزوم الإقتصار على المرجحات المنصوصة، فإذا لم يكن شئ من الخبرين واجدا لشئ من المزايا المنصوصة، فمقتضى القواعد الأولية هو سقوط كليهما عن الحجية بالتعارض، وقد عرفت عدم قيام دليل على التخيير في الأخذ بأي منهما شاء.
وحينئذ فلا يبعد أن يقال بوجوب التوقف عن الأخذ بكل منهما، كما كان مقتضى القواعد أيضا، وذلك بوجهين:
أحدهما: قوله (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة في جواب السؤال عن صورة انتفاء المرجحات المنصوصة بقوله: قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟
قال: " إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ".
فقد أمر (عليه السلام) بارجاء الواقعة - في قبال أمره قبل هذه الصورة بالأخذ بخصوص أحد الخبرين - وعلله بأن الوقوف عند الشبهة خير من الوقوع في الهلاكة، فدل على أن المورد من أفراد الشبهة التي لا نور فيها والمسير معها قد يوجب الهلاك.