فيها، مثل قيد أن يكون الشك في بقائه مستندا إلى خصوص الشك في الرافع، وأن لا يكون الشئ المشكوك فيه حكما كليا، إلى غير ذلك مما ربما يقال به، فمع غض العين عنها فالاستصحاب ليس إلا هذه القضية، من غير فرق بين الوجوه المختلفة في اعتباره ودليل اعتباره.
إلا أنه ينبغي التنبه لنكتة، وهي: أن البقاء الذي جعل محمولا في قاعدة الاستصحاب يراد به البقاء عند الشرع وفي محيط القوانين الإسلامية، فهذه القضية بسعتها الشاملة للأحكام والموضوعات، بل ولأنواع الشبهات متضمنة لحكم الشارع بالبقاء، غاية الأمر أن حكم العقلاء كاشف عن حكم الشرع، أو أن سيرة العقلاء بضميمة عدم الردع دليل على إمضائه.
وهذا أمر واضح في غير الأمور الواقعية العقلية التي يدركها العقل البرهاني، كما في المسائل الفلسفية والملازمات المبحوث عنها في علم الأصول، فإن الأمور الاعتبارية لا قيمة لها ما لم تنصبغ صبغة الشريعة، سواء كانت من قبيل الحجية أو البراءة أو الثبوت أو البقاء، كما لا يخفى.
الثاني: بعدما كان الاستصحاب على جميع المباني عبارة عن تلك القضية الكلية، فلا محالة مفاده أمر كلي ينطبق على موارد جزئية، كانطباق كل قاعدة كلية على جزئيات موضوعها، ويحكم على كل مورد مورد بالبقاء، فإذا شك في بقاء نجاسة الماء المتغير في أحد أوصافه بعد زوال تغيره من قبل نفسه فنفس القضية تحكم ببقاء نجاسته، والنجاسة حكم وضعي موضوع لأحكام مختلفة، وإذا شك في عدالة زيد تحكم ببقائها، وإذا شك في بقاء وجوب إكرامه نحكم ببقاء الوجوب، وهكذا كل حكم أو موضوع كلي أو جزئي يكون موردا لقاعدة الاستصحاب، وحينئذ فإذا جرى في مورد الشك في حكم كلي وحكم ببقائه فليس حكمه ببقائه إلا مثل حكم أصالة الطهارة بطهارة المشكوك طهارته بشبهة حكمية، كالمتولد من حيوانين لا يشبه أحدهما ولا غيرهما، وإلا مثل حكم قاعدة " كل ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده " في مورد معاملة فاسدة لا يضمن