اعتبار الرتبة لا سابقة ولا لاحقة قيدا للموضوع فلا محالة يسري الحكم إلى عنوان نفس الذات المتحققة في المصداق المتحقق في رتبة لاحقة، فيجتمع الضدان، وكما أن الرتب العقلية لا تمنع التضاد في الوجودات الخارجية فهكذا في الوجودات العنوانية الذهنية.
الأمر الثاني في تأسيس الأصل عند الشك في التعبد بالظن إن التعبد بالظن في قالبه الموافق للواقع وما يراه المحققون في الظنون والأمارات المعتبرة: عبارة عن اعتباره طريقا إلى الواقع، ولا محالة له خاصتان:
إحداهما: جواز إسناد مؤداه - فيما كان حكاية أمر عن المولى - إلى المولى، والى الشرع والشارع.
وثانيتهما: كونه حجة بمعنى كونه منجزا للتكليف الواقعي عند المطابقة، وعذرا للعبد مع المخالفة، وكون موافقته حينئذ انقيادا ومخالفته تجريا، فتحليل اعتباره إلى مجرد حجيته التي هي الخاصة الثانية - كما في الكفاية - غير سديد.
ولا يبعد دعوى أن قوله تعالى: * (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * (1) ينفي الطريقية عن الظن، فإن طريقيته عبارة أخرى عن إغنائه من الحق، وكونه موصلا إليه بحيث يتبعه جواز الإسناد والحجية، فالحكم عليه بأنه لا يغني من الحق شيئا حكم بنفي الطريقية، ونفي ترتيب أثر جواز الإسناد والحجية.
كما أن قوله تعالى: * (قل إنما حرم ربي الفواحش... وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * (2) يحكم صريحا بحرمة أن يسند إلى الله ما لم يعلم أنه تعالى قاله، وقد عد القول على الله بما لا يعلم مما يأمر به الشيطان في قوله تعالى: * (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * (3). كما قد وبخ الله تعالى