1 - فصل في أصالة البراءة وكيف كان فالموضع الأول من المقام الأول: أن يكون الشك في أصل التكليف الإلزامي، من الحرمة أو الوجوب، لأجل فقد النص أو غيره.
والحق فيه: هو البراءة من التكليف المحتمل، وفاقا لمحققي أصحابنا الأصوليين.
واستدل لها بالأدلة الأربعة:
فمن الكتاب: بآيات، أظهرها قوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * (1).
وبيان دلالته: أنه تعالى نفى العذاب ما لم يبعث رسولا، وبعث الرسول المذكور هنا، وإن لم يكن من قبيل الكنايات، فإن المقصود الجدي في الكنايات هو المعنى المكنى عنه بلا تعلق جد إلى الكناية، كما في قولك: " فلان كثير الرماد "، ولا سيما في أمثال زماننا، ومن المعلوم أن بعث الرسول مراد جدي في الآية المباركة، إلا أنه مع ذلك فبتناسب الحكم والموضوع يفهم العرف والعقلاء، الذين من قواعدهم المسلمة قبح العقاب بلا بيان يفهمون من الآية الشريفة أن ثبوت العذاب إذا بعث الرسول إنما هو لكون الرسول مبينا ومبلغا لأوامر الله ونواهيه وأن