الأمر السادس أقسام استصحاب الكلي إن المستصحب لابد وأن يكون حكما مجعولا أو موضوعا له، وإذا أريد استصحاب الكلي فهو أيضا ليس مستثنى عن هذه القاعدة، فمجرد إمكان تصوير معنى جامع بين شيئين أو أشياء لا يجوز استصحابه ما لم يكن حكما عمليا مجعولا أو موضوعا له، ومنه تعرف الخدشة في إطلاق عنوان الكفاية.
وبعدئذ نقول: إن الشك في بقاء الكلي تارة لأجل الشك في بقاء الفرد الذي وجد في ضمنه ومتحدا معه، وأخرى لدوران ذلك الفرد بين ما كان باقيا قطعا أو احتمالا وما كان مرتفعا قطعا، وثالثة لاحتمال وجود فرد آخر غير ما تيقن بقاؤه حتى يكون الكلي باقيا به.
أما القسم الأول فلا ينبغي الشك في صحة استصحاب كل من الفرد والكلي إذا كان مستجمعا للشرائط الاخر، كما لا يكفي استصحاب الكلي لإثبات حكم الفرد أو نفسه، ولا العكس، لما سيأتي من أن الاستصحاب لا يثبت إلا نفس المستصحب، فلو كان هنا دليل شرعي رتب حكما على عنوان المستصحب فلا محالة يعمه ويترتب عليه، وأما لوازمه وملزوماته وملازماته فلا يمكن إثباتها به.
كما أن الدليل الاجتهادي لا يعمه ما لم يثبت عنوانه، وإلا فمجرد اتحاد العناوين في الوجود لا يوجب شمول الدليل له وانطباقه على غير معنونه، وهو أمر واضح.
وأما القسم الثاني فمثل أن يعلم بوجود زيد أو عمرو في الدار قبل الزوال، وبعد الزوال علم بخروج زيد عنها لو كان فيها، وكان الأثر مترتبا على وجود الإنسان فيها، فمن الواضح أنه بعد الزوال يشك في بقاء الإنسان فيها وهو عالم بوجوده فيها قبل الزوال فلا محالة يحكم ببقائه فيها بعد الزوال بمقتضى قاعدة الاستصحاب، وأنه لا يجوز نقض اليقين بالشك.
والإيراد عليه بأن الكلي عين الفرد، فإذا كان الفرد مرددا بين مصداقين:
أحدهما معلوم الارتفاع والآخر مشكوك الحدوث محكوم بعدمه فلا مجال