وفي إرشاد الشيخ المفيد (قدس سره): أن من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): " من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه، فإن اليقين لا يدفع، بالشك " (1).
وسند الحديث ضعيف بوقوع القاسم بن يحيى وجده الحسن بن راشد مولى المنصور في سند الخصال، وقد ضعفهما ابن الغضائري، ولو لم يعتبر تضعيفه فلم يرد فيهما توثيق، فيكونان مجهولين. ونقل الإرشاد مرسل فليس فيه حجة من حيث السند.
وأما دلالته: فقد قال الشيخ الأعظم (قدس سره) ما حاصله: أن ظاهر قوله (عليه السلام): " من كان على يقين فشك " أن شكه حدث بعد يقينه، وحيث إن ظاهره وحدة متعلق اليقين والشك شخصا فلا محالة يختص الموضوع بقاعدة اليقين، فيكون قوله:
" فليمض على يقينه " دليلا على اعتبار تلك القاعدة، لا قاعدة الاستصحاب.
وقد أورد المشايخ (قدس سرهم) عليه بوجود استنهضوا بها دلالة الحديث على اعتبار الاستصحاب:
منها: ما عن بعض المحققين من أن مدلول الفاء ليس خصوص الترتب الزماني، بل تستعمل في الترتب الذاتي والرتبي أيضا، كما يقال: " تحركت اليد فتحرك المفتاح "، أو يقال: " من كان عاصيا فاضرب عنقه "، بلا عناية ولا تجوز والسبق فيما نحن فيه رتبي بالقياس إلى حكم وجوب المضي، لا سبقا زمانيا.
أقول: وهو عن مثله غريب! فإن مورد الاستظهار هو جملة " فشك " بالنسبة إلى جملة " كان على يقين "، وليس بينهما نسبة الموضوع والحكم، ولا العلة والمعلول، ولا ريب في أنه سبق زماني، وبانضمامه إلى استظهار وحدة متعلقهما وحدة شخصية يصح استظهار قاعدة اليقين منه، اللهم إلا أن يمنع الاستظهار الثاني، وحمل السبق المذكور على ما في الأفراد الغالبة من الاستصحاب، وسند المنع ما يأتي.
ومنها: ما عن جمع منهم (قدس سرهم) من أن ظاهر قوله (عليه السلام): " فليمض على يقينه "