هذا هو التصوير المناسب للشك في الأمور التدريجية.
وأما مسألة اليقين بوجوب الجلوس - مثلا - في ما قبل الزوال والشك في تعلق الوجوب بالجلوس ما بعد الزوال فهي أمر غير مرتبط بالتدريجيات، فإن مورد الاستصحاب فيه - لو كان جاريا - هو وجوب الجلوس، والوجوب أمر ثابت غير تدريجي.
وقد تقدم منا الكلام عنه عند البحث في استصحاب الأحكام الكلية في الأمر الثاني من هذه الأمور، فتذكر.
الأمر الثامن استصحاب التعليقي والمراد به: أن يكون فعلية حكم الموضوع منوطا على حدوث حالة له زائدا على وجوده، ثم قبل عروض هذه الحالة وقع فيه تغير أوجب الشك في بقائه على ما كان من تعلق هذا الحكم المعلق به، كما إذا فرض أن العنب قد حكم عليه بأنه حرام إذا عرض عليه الغليان، ثم قبل عروض الغليان صار زبيبا فشك في تعلق هذه الحرمة المنوطة على الغليان به فهذه الحرمة أمر تعليقي شك في بقائه: يقع الكلام تارة في شمول أدلة الاستصحاب له، وأخرى في أنه هل يعارضه استصحاب الحكم الفعلي المضاد له الثابت له قبل عروض الحرمة - أعني الحلية - لكي يسقطا بالمعارضة، فيرجع إلى الأصل الآخر الجاري فيه كأصالة الحل أو البراءة في مثل المثال؟
قال الشيخ الأعظم (قدس سره): " إذا قلنا: العنب يحرم ماؤه إذا غلا أو بسبب الغليان فهنا لازم وملزوم وملازمة: أما الملازمة - وبعبارة أخرى: سببية الغليان لتحريم ماء العصير - فهي متحققة بالفعل من دون تعليق. وأما اللازم - وهي الحرمة - فله وجود مقيد بكونه على تقدير الملزوم، وهذا الوجود التقديري أمر متحقق في نفسه في مقابل عدمه. انتهى.