الحالة لا محالة موجود شخصي في أفق النفس، فإذا علمنا بأن زيدا مجتهد فالنفس متطورة بطور خاص لا بأس بأن نعبر عنه بأن صورة هذه القضية موجودة بوجود ذهني، وتعلق جزم النفس واعترافها بما لها من المعنى، وإذا علمنا بأنه " إما زيد مجتهد وإما عمرو " فصورة هذه القضية المنفصلة موجودة بجميع أجزائها، أي حتى بما يحكى عنها ويطابقها لفظة " إما " بوجود ذهني نفساني، وتعلق إذعان النفس وجزمها بما لها من المعنى، ففي مرتبة الوجود النفساني الذي به قوام العلم وتجوهره التكويني ليس إلا وجود أو وجودات شخصية غير مرددة، إلا أن المحكي بها قد يكون خاليا عن أي ترديد، وقد يكون مشوبا به، وحيث إن المعلوم حقيقة عند العرف هو المحكي فلذلك يصح أن نعبر عنه بأن في المعلوم ترديدا، ولا يلزم منه وجود المردد بما أنه مردد ولا أي محذور آخر.
وعلى ما ذكرنا فالعلم متعلق بإحدى الخصوصيتين، فإنا نعلم - مثلا - أن هذا الشئ " بما أنه خمر " حرام وإما أن ذاك الشخص " بما أنه زيد أو عالم " يجب إكرامه، فحكم الشرع إما خصوص الحرمة أو خصوص الوجوب، كما أن متعلقه إما الخمر بخصوصها وإما ذاك الشخص بخصوص أنه عالم أو زيد، والقول بتعلق العلم الإجمالي بالجامع بين الأطراف يلزمه عدم وقوف العالم على أزيد من الكلي الجامع، وهو خلاف الوجدان، ولا ملزم للقول به والمصير إليه، كما عرفت.
وكيف كان فالبحث في هذا الموضع يقع في مرحلتين:
المرحلة الأولى: أن يكون متعلق التكليف المعلوم - ولو تبعا لنفس التكليف - مرددا بين المتباينين، والمرحلة الثانية أن يكون مرددا بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
المرحلة الأولى العلم الإجمالي بالمتباينين فالمرحلة الأولى هي المعبر عنها بالعلم الإجمالي بالتكليف، وهو قد يكون