القواعد أو الجمع بين المتعارضات، في حين أنها تقدر على استنباط الوظيفة التي دليلها واضح سندا ودلالة، كما لا يخفى، ومراجعة الوجدان في حل المسائل الرياضية تكفي شاهدا واضحا على بطلان التشكيك المذكور، فإن الإنسان في أول الأمر في عين أنه يقدر على حل المسائل الساذجة لا يقدر على المشكل منها إلا بعد شدة قوته بمقدار يناسبها وهكذا، والأمر واضح جدا.
3 - فصل في التخطئة والتصويب المنسوب إلى مخالفينا العامة هو القول بالتصويب في آراء المجتهدين في الأحكام الشرعية، وأن لله تعالى - بحسب الواقع ونفس الأمر - أحكاما واقعية بحسب آرائهم.
وهو قول ضعيف جدا، مخالف للاعتبار العقلائي في تقنين القوانين، بداهة أن المقنن يشرع القوانين حسب ما يراه الأصلح، ومطابقا للمصالح والمفاسد، ويضعها بيد الإجراء، ثم إن المكلفين بها الفاحصين عنها يصلون إليها ويعرفونها عقيب فحصهم، وربما يخطئون عنها ويكونون في خطئهم معذورين، من دون أن ينقلب القانون في حق المخطئ أصلا، بل القانون واحد على الكل وإن كان المخطئ معذورا، هذا.
مضافا إلى أنه مخالف لإطلاق أدلة الأحكام التي لا ريب في شمولها لكل من ينطبق عليه موضوعها، من دون تقييد بالعلم بها، أو عدم العلم بالخلاف، بل إن تمام الموضوع لها هو مجرد الموضوع المأخوذ فيها، وقد حققنا في محله صحة الرجوع إلى الإطلاق من هذه الجهة أيضا.
ومضافا إلى أن مقتضى الأدلة الكثيرة الواردة في بيان علل الشرائع أيضا عمومها لجميع المكلفين، فإن العلل المذكورة فيها من قبيل الآثار التكوينية التي لا فرق في ترتبها على الأعمال بين العالم بحكمها والجاهل، فإن مفسدة شرب