إزاحة ابهام: قال الشيخ الأعظم (قدس سره) في رسالته المعمولة للقاعدة - بعد ذكر الروايات المتضمنة لقضية سمرة - ما لفظه: وفي هذه القصة إشكال من حيث حكم النبي (صلى الله عليه وآله) بقلع العذق، مع أن القواعد لا تقتضيه، ونفي الضرر لا يوجب ذلك، ولكن لا يخل بالاستدلال. انتهى.
وقد يتأكد الإشكال بالنظر إلى ذيل موثقة زرارة بنقل الكافي والتهذيب، فإن فيه: أنه (صلى الله عليه وآله) قال للأنصاري: " اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لا ضرر ولا ضرار " فإن ظاهره أن المستند للحكم بقلع النخلة وإسقاط حرمة ماله هو قاعدة لا ضرر ولا ضرار، مع أن نفي الضرر - على الفرض - لا يوجبه.
قال سيدنا الأستاذ (قدس سره): إن هذا الإشكال لا يرد على ما ذكرناه، ضرورة أن المورد مندرج تحت الحكم السلطاني الكلي، فيكون الأمر بالقلع لقطع مادة الفساد المتوقع في هذا المقام، وأما على غيره فالإشكال وارد، لأن عدم تشريع الحكم الضرري ونهي الله عن الإضرار بالغير لا يقتضيان الإضرار بالغير بقلع شجرته.
انتهى.
أقول: إن كان هنا إيراد فلا فرق في وروده بين مبنى القوم ومبنى سيدنا الأستاذ (قدس سره)، فإن مدلول كلامه (صلى الله عليه وآله) هو النهي عن الإضرار وحرمته، وهو لا يقتضي إلا المنع عن إيراد الضرر بالغير، ولا يفترق فيه بين أن يكون هذا النهي إلهيا أو سلطانيا، وحديث ثبوت مقام السلطنة لهم (عليهم السلام) وإن كان حقا لا ريب فيه إلا أن العلة المذكورة ليست إلا دليل حرمة الإضرار شرعا أو سلطانا، ولا ربط لها بإعمال الولاية لقطع مادة الفساد في قلع عذق سمرة المضار.
والحق في الجواب أن يقال: إن ذكر هذه الكبرى الكلية هنا إنما يكون توطئة وتمهيدا لحكمه بالقلع، وحاصله: أن سمرة وإن كان له حق إبقاء عذقه في بستان الأنصاري وحق المرور إليه - بمقتضى عموم لا ضرر - إلا أنه ليس له إيقاع الضرر على أهل الأنصاري ومضارته لهم بمقتضى عموم " لا ضرر ولا ضرار "، فهذه الكبرى تدل على حدود حقه وماله وعليه، فتدل على أن سمرة إذا كان مطيعا