اللحم فإنه يصير حلالا فعليا بإجراء التذكية عليه.
والحاصل: أن الحديث يدل على أن كل مشكوك الحل والحرمة حلال، والحلال المذكور فيه هو بعينه الحلال المذكور في سائر الأدلة من الكتاب أو الحديث، فقد يكون حلالا فعليا كما لو شك في خمرية شئ ومائيته، وقد يكون غير فعلي كما لو شك في مأكولية حيوان وعدم مأكوليته، أو في حرمة امرأة عليه أبدا وحليتها ففي جميع الصور يحكم الحديث بأن المشكوك حلال، ويكون لازمه في مشكوك المأكولية أو الحرمة الأبدية أن يثبت بالحديث مصداق للأدلة الدالة على أن تذكية حلال اللحم تؤثر في جواز أكله فعلا، أو على أن إيقاع عقد الزواج على ما أحل من النساء يؤثر في جواز الاستمتاع بها فعلا، فكما أن " كل شئ طاهر " يثبت مصداقا لما دل على أن كل ماء طاهر يطهر ما يغسل به، ولذا يكون عموم هذا الدليل ببركة أصالة الطهارة حاكما على استصحاب نجاسة المغسول به فهكذا عموم الدليل الدال على حصول الجواز الفعلي في الموردين بالتذكية والعقد يكون ببركة أصالة الحل حاكما على حرمة الاستمتاع أو أكل غير المذكى.
وكيف كان فالحديث مختص بالشبهة التحريمية، وليس في الواجبات إلا تكليف واحد هو البعث نحو الفعل، وعدم القول بالفصل إذا كان مستندا إلى عموم مثل حديث الرفع فلا حجة فيه نافعة في المقام، كما لا يخفى.
ومنها: " صحيحة عبد الله بن سنان " وقد رواها المشايخ الثلاثة في كتبهم الأربعة، بإسنادهم عنه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كل شئ يكون فيه (منه - خ يب) حلال وحرام فهو حلال لك أبدا حتى أن تعرف الحرام منه بعينه فتدعه " (1).
ونحوها ما في ذيل خبر عبد الله بن سليمان - المروي في الكافي وعن المحاسن - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " سأخبرك عن الجبن وغيره، كل ما كان فيه