الفصل السادس في الظن المطلق وقد استدل لحجية الظن المطلق - من غير تخصيص له بالحاصل من خبر الواحد - بوجوه، بعضها عام لزمن انفتاح باب العلم بالأحكام الواقعية وانسداده، وبعضها خاص بزمان الانسداد:
الأول: أن الظن بالتكليف الإلزامي - أعني الوجوب أو الحرمة - موجب للظن بترتب الضرر الأخروي، أعني العقاب. وترتب الضرر الدنيوي - أعني المفاسد التي هي ملاكات الأحكام - على مخالفته، والضرر المظنون واجب الدفع بحكم العقل، فبالنتيجة: لزم رعاية التكليف المظنون حذرا من الضرر المظنون واحتياطا.
أقول: أما بالنسبة إلى الضرر بمعنى العقاب فالدليل مخدوش صغرى وكبرى:
أما الصغرى: فإما لما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) من أن العقل يحكم قطعا بأن التكليف ما لم يقم عليه قطع أو أمارة معتبرة فلا عقاب على مخالفته، سواء أظن به أم لا. وإما لأن المستفاد مما مر في مقام تأسيس الأصل أن الأصل والقاعدة الأولية الشرعية في الظن أنه لا يعتنى به، وأنه لا يغني من الحق شيئا، وعليه فلا يجوز الركون إليه في تنجيز التكليف الواقعي - لو كان - لكي يلزم من الظن به ظن بترتب العقاب على مخالفته، بل إن الظن لا يصح أن يستطرق به إلى الواقع أصلا، ولا يوجب تنجيز التكليف أبدا.
وبعبارة أخرى: أن العقاب ليس من لوازم الوجود الواقعي للتكليف، بل إنما