الخامسة: لا ريب في أن تمام الملاك لجريان الاستصحاب أن يؤدي إلى تبيين وظيفة قانونية للشاك، فبعد صدق عنوان نقض اليقين بالشك لا يشترط في جريانه سوى أن يكون مؤديا إلى بيان الوظيفة في زمان الشك وإن لم يكن المتيقن في زمان اليقين واجدا لهذه الخاصة، وهو واضح.
وهذا في استصحاب الموضوعات بين، وأما في استصحاب الحكم فبينه في الكفاية بقوله: (كما في استصحاب عدم التكليف، فإنه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم إلا أنه حكم مجعول في ما لا يزال، لما عرفت من أن نفيه كثبوته في الحال مجعول شرعا).
أقول: إن المتيقن في السابق إذا كان مجرد نفي الحكم وعدمه فالاستصحاب لا يقتضي إلا بقاء هذا العدم والنفي، وقد عرفت أنه كاف لجريان الاستصحاب، وأما إثبات أمر مجعول - أعني عدم الوجوب أو الحرمة مثلا به - فلا ينبغي الشك في أنه من الأصل المثبت، مضافا إلى إمكان منع الاستلزام رأسا، لاحتمال كون المورد من قبيل ما سكت الله عنه، ولم يجعل في مورده حكما أصلا.
وحينئذ ففرض الاستصحاب هكذا في باب الأحكام إنما يكون بأن يكون هنا حكم لم يبلغ مرتبة الفعلية، لمجرد عدم الموضوع له في الخارج ثم وجد له موضوع وشك في نسخه، فإن الاستصحاب يحكم ببقائه ويبلغ إلى مرتبة الفعلية في زمن الشك بعدما لم يبلغ هذه المرتبة في زمان اليقين به، لفرض عدم فعلية موضوعه.
الأمر الحادي عشر إن أدلة الاستصحاب كما تقتضي بقاء ما كان في ما لم يعلم انتفاؤه بعد فهكذا تقتضي بقائه إلى زمن العلم بالانتفاء في ما إذا علم أصل انتفائه ولم يعلم مبدأ هذا الانتفاء، وذلك لصدق نقض اليقين بالشك في كلا الموردين إن لم يحكم بالبقاء، وهذا في ما كان هنا حادث واحد واضح، فإذا عرض الفسق على " زيد العادل "