الأمر الثالث عشر الرجوع إلى العام، أو استصحاب حكم الخاص لا ريب في أنه لا مجال للاستصحاب في ما كان هنا دليل اجتهادي يرفع الشك - كما سيأتي تفصيل البحث عنه إن شاء الله - وافق الاستصحاب أم خالفه، وإنما الكلام في أنه إذا كان لنا عموم أو إطلاق يقتضي ثبوت حكمه على مصاديقه في أزمنة متمادية فخرج بعض المصاديق عن هذا الحكم في بعض هذه الأزمنة، ولم يكن دلالة خاصة على حكمه بعده، فشك فيه فهل يكون المرجع هو العموم أو الإطلاق، أو لا مجال لهما، وإنما يرجع إلى استصحاب حكم زمن الخروج إذا تم سائر شرائطه؟
ففصل الشيخ الأعظم (قدس سره) بين ما أخذ قطع الزمان مفردا للموضوع أو الحكم وما أخذ ظرفا محضا لهما، وقال بمرجعية الدليل الإجتهادي في الأول وأن الاستصحاب بنفسه أيضا لا يجري فيه، وبجريان الاستصحاب في الثاني وأن الدليل الإجتهادي بنفسه لا مجال له فيه.
وحاصل وجهه: أن الزمان إذا كان مفردا فخروج قطعة خاصة عن الحكم خروج فرد مخصوص فلا دخل له بالأفراد الاخر. كما أن خروج " زيد العالم " عن عموم " أكرم العلماء أو العالم " لا دخل له بعمرو وغيره من الأفراد، بل العموم أو الإطلاق حجة بالغة في غير زيد، ولا موضع للاستصحاب فيه، فإنه من باب إسراء حكم من موضوع إلى آخر، لا من قبيل إبقاء ما كان. وهذا بخلاف ما إذا لم يكن للزمان إلا شأن الظرفية المحضة، فكل فرد إنما يشمله عنوان الدليل مرة واحدة، وإن كان يحكم عليه باستمرار حكمه إذا شمله لكنه إذا خرج عن العموم أو الإطلاق فلا يعمه مرة أخرى لكي يحكم عليه حكمه، فلا محالة لا مساغ إلا لاستصحاب حكم المخصص.
والمحقق الخراساني (قدس سره) قرره في ما كان الزمان مفردا، لكنه فصل - في الكفاية - في ما كان الزمان ظرفا محضا في العام والخاص كليهما، فصدق الشيخ