وهذا التعليل له عموم لجميع الأزمنة، وينفي (1) احتمال اختصاصه بفصل الخصومة الذي لا يناسبه التخيير، أو بزمان امكان لقاء المعصوم الذي يناسبه الارجاء، وذلك أن الشبهة هي الجهالة المحضة، والجهالة لا تبقي مجالا للإفتاء، فالأخذ بكل منهما جهالة ومظنة للوقوع في الهلاكة، ولا يخرجها عن كونها كذلك غيبة الإمام (عليه السلام) ولا عدم كونه المقام مقام فصل الخصومة، كما لا يخفى.
الوجه الثاني: ما عرفت من إطلاقات دالة على وجوب التوقف في المتعارضين، فإنها سواء قيدناها بأدلة المرجحات بغير صورة وجود المزايا، أو حملناها على استحباب التوقف حجة تامة على وجوب التوقف في صورة فقدان المزايا، أما بناء على التقييد فإن المطلق كالعام حجة في ما يبقى فيه بعد التقييد، وأما بناء على حملها على الإستحباب فلأن ظاهرها حجة على الوجوب المساوق لعدم حجية شئ منهما، ورفع اليد عن هذا الظهور في موارد قامت الحجة على جواز الأخذ بأحدهما لا يوجب سقوطه عن الحجية على هذا الوجوب في ما لم تقم فيه هذه الحجة، وهو واضح.
وأما ما في ذيل مرفوعة زرارة - بعد السؤال عن تعادل المتعارضين بقوله:
فقلت: إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له، فكيف أصنع؟ - فقال (عليه السلام): إذن فتخير أحدهما فتأخذ به وتدع الأخير " فدلالته على التخيير واضحة، إلا أنه قد مر ضعف سند المرفوعة مرارا، مضافا إلى أنه معارض لما في رواية أخرى بدلا عنه: " إذن فأرجه حتى تلقى إمامك فتسأله ". نعم لو كانت المرفوعة معتبرة السند لكانت قرينة على حمل الأمر بالتوقف في المتعادلين أيضا في مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها على الإستحباب، لكنها ضعيفة السند جدا.
فرعان افتراضيان:
الأول: بناء على القول بالتخيير بين المتعارضين إما مطلقا وأما في خصوص