وحيث إن اليقين طريقي فمفادها الحكم ببقاء المتيقن، ولما كانت قاعدة شرعية فلا بد وأن ترتبط بالأحكام الشرعية، فيكون نفس المستصحب وظيفة وحكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي ليعمه الدليل الاجتهادي الحاكم بثبوت الحكم عليه، وبالنهاية يثبت ببركة الاستصحاب حكم شرعي للمكلف وتتعين وظيفته، وتعيين وظيفة المكلف شأن الشارع، ولا يتوقع من القاعدة الشرعية أزيد من هذا، وهذا المعنى متحقق في ما نحن فيه، إذ يصير المكلف بعد جريان الأصلين موظفا بترتيب حكم النجس على كل من الطرفين، فحصر فائدة الاستصحاب في تنجيز الواقع أو إسقاطه بالنحو المذكور في كلامه (قدس سره) لا وجه له.
نعم لا ريب في أن المحكومية بالنجاسة حكم ظاهري لا يوجب إنقلاب الواقع عما هو عليه، فلو صلى في كل من الثوبين المستصحب نجاستهما مع العلم بتطهير أحدهما بالتكرار لعلم بصحة صلاته، لعلمه بالصلاة في ثوب طاهر واقعي. هذا.
وأما صورة ترتب الأثر الشرعي على خصوص أحد الطرفين فلا ينبغي الإشكال في جريان استصحاب خصوص هذا الطرف، إذ من الواضح توقف جريان الاستصحاب على أن ينتهي إلى حكم وأثر شرعي، فلا يجري في الطرف الآخر، فلا تلزم معارضة، كما لا يخفى.
تتمة:
لا ريب في تقدم قاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة في فعل الغير وقاعدة اليد على الاستصحاب الجاري في موردها، وذلك أن صريح بعض أدلة قاعدة التجاوز والفراغ مثل صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) الواردة في الشك في أجزاء الصلاة بعد التجاوز عن محلها التي في ذيلها: " يا زرارة، إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ " (1) وصحيحته الأخرى عن أبي