ولعل المتتبع يظفر بأخبار أخر في موارد أخرى، فتتبع.
فقد تحصل: أن مقتضى العمومات وإن كان إجراء البراءة إلا أن الأدلة الخاصة تقتضي وجوب الاحتياط التام.
إلا أنه قد يقال: إن هنا أخبارا خاصة تدل على جواز ارتكاب بعض أطراف العلم أو جميعها، فتكون معارضة لهذه الأخبار، ولا أقل من أن تكون مانعة عن استفادة قاعدة كلية لجميع الموارد منها:
فمنها: صحيحة أبي بصير قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن شراء الخيانة والسرقة، قال: " لا، إلا أن يكون قد اختلط معه غيره، فأما السرقة بعينها فلا...
الحديث " (1).
بيان دلالتها: أن مورد السؤال شراء الخيانة والسرقة، فالجواب عنه بجواز شرائهما مع الاختلاط بغيره ظاهر في جواز الاقتحام في جميع أطراف الشبهة للعلم الإجمالي.
وفيه منع لهذا الظهور، بل لا يبعد استظهار أن المراد بقوله: " إلا أن يكون قد اختلط معه غيره " إبداء احتمال أن لا يكون ما يشتريه سرقة وخيانة، وإلا فلو أراد جواز شراء كلا الطرفين لكان اللازم أن يكون قد اشترى السرقة بعينها وإن كان لا يعرف شخصها.
وبالجملة: فالصحيحة لا تدل على أزيد من جواز شراء محتمل السرقة فيما إذا اختلط مع غيره في يد البائع، فقد جوز ارتكاب أحد طرفي العلم لا كليهما.
ومن هنا أيضا قد يتوهم دلالتها على خلاف ما دلت عليه الطائفة الماضية من الأخبار.
إلا أن التحقيق كما نبه عليه سيدنا الأستاذ (قدس سره) في المكاسب المحرمة: عدم دلالتها على الخلاف: