الفقرتين، بداهة أن المفهوم عرفا في أمثال المورد أن كلا من الاضطرار والإكراه والجهل علة تامة للترخيص الشرعي، واجتماع الجهات المتعددة يوجب أن يرخص فيه من جهات عديدة. هذا.
إلا أن هذا التوهم مدفوع بما عرفت من أن كلا من طرفي العلم الإجمالي موضوع لأدلة البراءة والحل، وان المانع عن جريانها فيهما: إما استلزامه الإذن في المعصية وما إليه يؤول - بناء على مبنى المشايخ (قدس سرهم) - وإما قيام أدلة خاصة على وجوب الاحتياط كما اخترناه وشئ من الوجهين لا أثر له في ما نحن فيه، فإن المفروض أن الشارع قد رخص بمثل حديث رفع ما اضطروا إليه في ارتكاب ما يرفع به الاضطرار، ومعه فلا يحكم العقل بتنجز هذا التكليف الواقعي الموجود بينهما، لكي يكون جريان حديث الرفع والحل فيهما إذنا في المعصية. كما أن حكم الشارع بوجوب الاحتياط على من يعلم بنجاسة واحد من ثوبيه وهو قادر غير مضطر لا دليل فيه على وجوب الاحتياط للمضطر إلى ارتكاب أحد الطرفين، فجريان أدلة البراءة والحل هنا مما لا مانع عنه.
ومنه تعرف أن طرو أي عنوان مجوز على أحد الطرفين - سواء كان عنوانا رافعا للتكليف أو مرخصا في مخالفته - يكون حكمه حكم الاضطرار. والله العالم، وله الحمد أولا وآخرا.
الثالث (1): إذا كان بعض أطراف العلم خارجا عن محل الابتلاء فهل يجب الاحتياط في الطرف المبتلى به أم لا؟ ومورد الكلام فعلا هو التكاليف التحريمية، والمراد بخروجه عن محل الابتلاء - كما يهدي إليه العنوان - أن يكون الأمر المتعلق للتكليف أجنبيا عن المكلف، لا يصادفه بحسب العادة ومعيشته العادية، سواء أكان بعيدا عنه مكانا - كالخمر الموجودة في البلاد النائية جدا كبلاد الهند بالنسبة لنا - أم قريبا كالخمر الموجودة في بيت بعض الأشراف والملأ بالنسبة