قد رفع عن الأمة، وفي الأخذ بمفاده لا نحتاج إلى ترتب أثر شرعي على هذا الرفع، فإن إثبات حكم أو نفيه بيان لوظيفة المكلفين، ونفسه من قبيل الحكم الشرعي، ومعه فلا حاجة إلى حكم شرعي آخر، وفي هذا لا فرق بين أن يكون هذا الإثبات أو النفي حقيقيين أو ادعائيين، غاية الأمر أن موارد الادعاء تكون نظير الأحكام الظاهرية، مثل ما يثبت باستصحاب وجود الأحكام الشرعية أو نفيها، وبقوله: " كل شئ حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه " (1) فإنها وظائف عملية بيانها وإنشاؤها وظيفة الشارع وشأنه، ولا يتوقف صحة إنشائها على ثبوت أثر شرعي آخر وراء أنفسها، وحينئذ فإذا حكم الحديث بنفي الحكم المجهول ورفعه عن الأمة فقد بين وظيفة المكلفين، ومعه فالعقل يحكم قطعا بأن لا عقاب في مخالفة الحكم المجهول.
فمنه تعرف عدم الحاجة إلى نفي أثر إيجاب الاحتياط لكي نصل من نفي وجوب الاحتياط إلى عدم ترتب العقاب، بل كما أن نفي وجوب الاحتياط بيان وظيفة شرعية - وهو تمام موضوع حكم العقل بعدم ترتب العقاب - فهكذا نفي نفس الحكم الواقعي ولو ادعاء تمام موضوع لهذا الحكم العقلي. فلا حاجة إلى ما في الكفاية - تبعا للفرائد - من توسيط إيجاب الاحتياط لإثبات نفي المؤاخذة.
بل قد يقال: إن وجوب الاحتياط وإن كان أمرا شرعيا إلا أن جعله في موارد الشبهة لا يقتضي أن يكون الحكم المجهول بالنسبة إليه من قبيل الموضوع للحكم الشرعي لكي يثبت بنفيه نفيه، بل لعلهما من قبيل حكمين متلازمين، فتدبر جيدا، والأمر سهل.
هل المرفوع بحديث الرفع جميع الآثار؟
ثم إنه لا بأس للتعرض هنا - تبعا للأصحاب - لأن المرفوع بحديث الرفع