الأمر العاشر عدم حجية مثبتات الاستصحاب قالوا: إنه لا يثبت بالاستصحاب إلا نفس الحكم الشرعي فيما إذا كان هو المستصحب، وإلا الأحكام الشرعية المترتبة على موضوعها في ما كان المستصحب موضوعها، فباستصحاب وجوب إكرام زيد يثبت نفس هذا الوجوب، وباستصحاب خمرية المائع المشكوك بقاء خمريته يثبت حرمة ذاك المائع، وأما اللوازم والآثار الغير الشرعية وملازمات المستصحب وملزوماته فضلا عن أحكامها فلا يثبت به.
وعمدة الوجه له: أن المعتبر من أدلة الاستصحاب هو الأخبار، وهي لا تدل على أزيد منه.
وقرره الشيخ الأعظم (قدس سره) بما حاصله: (أن الشارع قد نهى عن نقض اليقين بالشك، وحيث إن الشك قد نقض بوجوده حقيقة اليقين فلا محالة يراد منه النهي عن نقضه في مقام العمل، فاللازم على المكلف أن لا ينقض يقينه السابق ويلتزم به في مقام العمل، ولما كان اليقين طريقيا فاللازم هو الالتزام العملي بالمتيقن السابق، فإن كان ذلك المتيقن حكما شرعيا يلتزم عملا به ويثبت بالاستصحاب نفس ذاك الحكم عنوانا، وبه تتشخص الوظيفة، ولا حالة انتظارية بعده. وإن كان موضوعا فعدم نقض اليقين به إنما هو بترتيب آثار يرتب عليه بيقينه به، ولا محالة هذه الآثار آثاره الشرعية، فإن الصادر من مصادر الشرع والقانون لا محالة يكون أمرا في دائرة الشرع ومحدودته، فلا تدل الأخبار لا على ترتيب الآثار أو الملازمات، ولا الملزومات الغير الشرعية، وهو واضح، ولا على ترتيب الآثار الشرعية المترتبة عليه، وذلك أن هذه الآثار الشرعية من فروع اليقين بموضوعاتها، والمفروض أن دليل حجية الاستصحاب إنما تعبد ببقاء نفس اليقين السابق وبوجوده في زمان الشك، ولا دليل على التعبد بوجود اليقين بآثار المتيقن أو ملازماته أو ملزوماته).