تعارض استصحاب وجود الحكم وعدمه.
توضيحه: أن غاية ما يمكن أن يقال في وجه التعارض: هو أن محل الكلام ما إذا كان الزمان مأخوذا في دليل الحكم ظرفا لثبوت الحكم على متعلقه، لا قيدا ووصفا للحكم أو متعلقه، فإن القيود - ومنها الزمان - بكثرتها واختلافها: تارة تكون دخيلة في تعلق المصلحة أو المفسدة بنفس الطبيعة، بحيث لا مصلحة ولا مفسدة مع عدم القيد، وتتصف نفس الطبيعة بإحداهما مع وجوده. وأخرى تكون الطبيعة المصاحبة مع القيد مؤثرة فيها، فمثلا كون الإنسان مريضا دخيل في تعلق المصلحة بشرب الدواء، فلا يجب شربه مع عدم المرض، وإذا صار مريضا فالواجب هو شرب الدواء بلا قيد. نعم، لا محالة يكون لعنوان الشرب تضيق بوقوعه في زمن المرض، إلا أنه غير تقييد الواجب بقيده. كما أنه تارة شرب الدواء الحار مؤثر في رفع المرض فالواجب لا محالة هو شرب دواء كان متصفا بوصف الحرارة.
فمحل الكلام هو ما إذا كان القيد شرطا لحدوث المصلحة، وكان الحكم على فرض ثبوته وفي زمن يتيقن به متعلقا بنفس الطبيعة، وإلا فلو كان محتمل القيدية قيدا للطبيعة فلا يجري استصحاب الحكم بعد انقضاء زمن اليقين، لعدم إحراز بقاء الموضوع.
ومثال محل الكلام: هو أن يعلم بوجوب الجلوس - بلا قيد مثلا - فيما قبل زوال الجمعة واحتمل بقاء وجوبه إلى ما بعد الزوال أيضا، فإذا زالت الشمس يحتمل بقاء وجوب نفس الجلوس وقد كان وجوبه قبله يقينيا فلا ينبغي أن ينقض اليقين بوجوبه بالشك فيه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: إن من المسلم أن الأحكام الإسلامية أحكام حادثة شرعها الله تعالى لنبي أمة الإسلام (صلى الله عليه وآله)، فنحن نعلم - في المثال - أن الجلوس لم يكن واجبا بعد زوال الجمعة قبل تشريع الأحكام له، وبعد ما شرعت له أحكام يشك في حدوث هذا الوجوب فنقول: " لم يكن الجلوس واجبا بعد الزوال " في