البراءة، حتى يبحث عن اقتضائه للصحة، فعموم أدلة الاعتبار يقتضي البطلان، فإن مقتضى شرطية شئ أو جزئيته أو مانعيته للمكلف به بطلانه بالإخلال به، وهو واضح.
كما أن مقتضى القاعدة: أنه إذا كان عمله مطابقا للواقع فيكون محكوما بالصحة، من غير فرق بين المعاملات والواجبات التوصلية والتعبديات، وهو في الأولين واضح. وأما العبادات المشروطة بقصد القربة إذا كان العامل الجاهل بانيا على الاقتصار بما يأتي بها فقد يقال بأنه ليس بصدد الامتثال، وإلا لم يبن على الاقتصار، مع أنه يحتمل تعلق الأمر بغير ما يأتي به.
والحق أنه لا يعتبر في تحقق الامتثال أزيد من أن يكون الداعي إلى ما يأتي به هو الله تعالى لو كان هو المأمور به، وذلك أن الحق أنه لا يعتبر في قصد القربة المنوط به صحة العبادات سوى أن يكون العمل لله تعالى، وهو حاصل حتى مع البناء على الاقتصار أيضا، فكما أن الناس مختلفون في امتثال التكاليف المعلومة باختلاف الأحوال العارضة على أنفسهم، وباختلاف سهولة الأعمال وصعوبتها، فرب إنسان لا يصوم شهر رمضان لاستصعابه وهو لا يترك الصلاة أبدا، ورب إنسان يصلي الظهرين والعشاءين دون صلاة الصبح في أيام الصيف، لاشتغاله بالنوم وحبه له، ورب إنسان يصلي في الهواء المعتدل أو الحار دون البارد الموجب للانجماد، لضعف إرادته وهمته في تحمل برودة الماء الذي يتوضأ به، إلى غير ذلك ولا يوجب هذا الفتور أن يكون ما يأتي به قد أتى به خاليا عن قصد الامتثال فكذلك الأمر في ما نحن فيه، فقد يكون المكلف ضعيف النية لا يقوم بصدد الامتثال إلا إذا لم يكن ذلك الشئ جزءا، أو لا يقوم بصدد امتثال الأكثر إلا إذا كان عالما بوجوبه تفصيلا، فإذا أتى بالأقل وكان هو الواجب فلا يدعوه إلى إتيانه سوى أنه مطلوب له تعالى، فقصر همته وإرادته لا يوجب بطلان ما تعبد به وأتى، وأراه واضحا لا يخفى.
تكملة: قد وردت روايات معتبرة معمول بها على استثناء الجهر والإخفات