وقد يورد على الكفاية: بأن إرادة الطهارة الواقعية من الصدر تستلزم تقدير الاستمرار، والتقدير خلاف الظاهر.
وفيه: أن نفس لفظة " حتى " دالة على استمرار ما قبله إذا كان معنى قابلا للاستمرار، مثل أن يقال: " مشيت من البصرة حتى جسر بغداد " فإنه لا ريب في دلالته على استمرار المشي حتى الجسر، وهاهنا أيضا الطهارة قابلة لأن يستمر زمن الجهل حتى يعلم بالقذارة، فتدل حتى على استمرارها بلا حاجة إلى تقدير.
نعم، إذا كانت الطهارة واقعية فاستمرارها استمرار ادعائي، لا حقيقي، كما أشرنا إليه غير مرة.
ومما ذكرناه يعلم الكلام في الأخبار الواردة في حل الأشياء، كما في خبر مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك " (1). فإن الكلام فيه هو الكلام في موثقة عمار الساباطي حرفا بحرف.
ومن هذه الأخبار الخاصة: خبر حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال:
قال (عليه السلام): " الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر " (2).
قال الشيخ الأعظم (قدس سره): وهو وإن كان متحدا مع موثقة عمار من حيث الحكم والغاية إلا أن الأولى حمله على إرادة الاستصحاب، لأن الاشتباه في الماء من غير جهة عروض النجاسة له غير متحقق غالبا، فالشك إنما هو في بقاء طهارته، فمعنى الحديث أن الماء المعلوم طهارته طاهر حتى تعلم... أي مستمر طهارته المفروضة إلى حصول العلم بالقذارة. انتهى.
وأنت تعلم أن الشاك في بقاء الطهارة أيضا شاك في الطهارة، وظاهر عبارة