ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور:
الأول: إذا كان متعلق التكليف المعلوم بالإجمال أحد أمرين أو أمور يكون تحققهما في زمانين، وهو المعبر عنه هنا بتعلق العلم الإجمالي بأمور تدريجية، سواء كان هذا التدرج اتفاقيا، كما لو علم التاجر بأن بعض معاملاته الواقعة في طول اليوم ربويا، أو كان من قبيل الواجب المعلق الذي يكون شرائط صيرورة العمل ذا مصلحة لازمة في حق المكلف متحققة، كما لو نذر أو حلف على ترك وطئ امرأته أو فعله - مثلا - ثم تردد الزمان الذي تعلق به النذر أو الحلف بين ليلتين، أو كان من قبيل الواجب المشروط الذي يتوقف صيرورة العمل ذا مصلحة على أمر مردد بين شيئين في زمانين، كأن علم الزوج بكون زوجته غير ذات عادة وقتية بأنها تحيض: إما في أول الشهر إلى الخامس وإما من الحادي عشر إلى الخامس عشر فإن المحيض هو موضوع الحكم بوجوب الاعتزال، وما لم يتحقق الموضوع لا يكون الحكم فعليا، والموضوع بمنزلة الشرط لفعلية الحكم، فالحق وجوب الاحتياط فيه في جميع الصور الثلاث بحكم العقل.
وبالجملة: فالتكليف في مثل الصورة الثالثة وإن كانت فعليته مشروطة بحضور الزمان وفعلية الموضوع، ولا محالة لا يعلم بفعليته وفعلية التكليف في شئ من الزمانين إلا أن الظاهر أن تنجز التكليف المعلوم بالإجمال واستحقاق العقاب على مخالفته، لا يشترط عند العقل ولا العقلاء بالعلم بفعليته في زمان تفصيلا، بل يكفي فيه أن يكون في زمان وجوده فعليا، وأن يتم البيان عليه، وهذا المعنى متحقق في مثل هذه الصورة أيضا، كما هو واضح، فلا فرق مطلقا بين الأمور التدريجية وغيرها في تنجز التكليف المعلوم بالإجمال المتعلق بها.
الثاني: إذا اضطر إلى ارتكاب بعض أطراف العلم الإجمالي فهل يجب الاحتياط في باقي الأطراف، أو تجري البراءة فيه، أو يفصل بين الصور؟
وقبل الورود في البحث نقول: إنه وإن لم يكن بأس بثبوت التكليف الفعلي في مورد الاضطرار، وكون التصرف الشرعي فيه بالترخيص في مخالفته، وقد عرفت