الاستدلال لحجية الأخبار بحكم العقل وأما العقل فقد ذكر هنا وجوه ثلاثة:
الأول: ما كان الشيخ اعتمد عليه أولا، وحاصله: أنه من شدة مواظبة الرواة واحتياطهم في نقل الأخبار، وشدة عنايتهم بتهذيب كتب الحديث يعلم بأن أكثر الأخبار المذكورة في الكتب المعتمدة صادرة عن الأئمة (عليهم السلام)، ومقتضى هذا العلم الإجمالي وجوب العمل بجميعها، إلا في المتعارضين بالوجوب والحرمة، فيتخير بينهما أو يؤخذ بالمظنون. نعم، لو استلزم هذا الاحتياط الاختلال أو العسر والحرج فلا يجوز أو لا يجب، وينتقل إلى العمل بخصوص مظنون الصدور. هذا.
وعمدة الإيراد عليه: أنه لا تثبت حجية الخبر بمعنى طريقيته المستلزمة لتخصيص عمومات الأدلة القطعية الصدور وغيرها به، أو تقييدها به وأمثاله، ولجواز الفتوى بها وإسناد مؤداها إلى الشارع، مع أنه المراد من حجيته هنا، وهي التي استفيدت من الأدلة الثلاثة الأخر.
وأما الإيراد عليه بما في الرسائل: من أنه لما كان ملاك وجوب العمل بالأخبار الصادرة هو اشتمالها على أحكام الله، والعلم الإجمالي بالأحكام له دائرة أوسع فيجب الاحتياط في جميع موارد الشبهة، أو حجية مطلق الظن - كما يأتي في دليل الانسداد - فممنوع: بأن هذا العلم الإجمالي الكبير ينحل بالعلم الإجمالي بصدور كثير من هذه الأخبار، فإنها وافية بمعظم الفقه، لا يلزم من الرجوع في غير موردها إلى أصل البراءة محذور أصلا.
والإشكال على الانحلال بالعزل والضم المذكورين في كلام الشيخ الأعظم مندفع بما أفاده محققوا المشايخ العظام (قدس سرهم): من أن احتمال انطباق موارد سائر الأمارات المنضمة على مفاد بعض الأخبار المعزولة، بل العلم بذلك الانطباق يمنع عن حصول علم إجمالي آخر أوسع.
الوجه الثاني: ما عن صاحب الوافية بعبارته المذكورة في الفرائد والكفاية.
ويرد عليه مضافا إلى ما ورد على الوجه الأول - أولا: أن لا وجه لاختصاص