واقعا، فلا حجة على خصوص مؤدى كل منهما، في عين أنه ينتفي الثالث بما هو الحجة منهما، والفرق بين هذا الوجه وسابقه أن نفي الثالث كان بهما على الوجه الأول بخلاف هذا الوجه، فإنه عليه بخصوص أحدهما بلا عنوان الذي هو حجة واقعا.
أقول: إن ما هو المسلم هو أنا نعلم إجمالا بعدم مطابقة أحد الطريقين للواقع، وهو مانع عن حجية كليهما معا، في ما كان اعتباره على أساس الطريقية فلا محالة لا يثبت مدلول كليهما، وحيث لا مرجح لأحدهما على الآخر في ما هو ملاك الحجية والطريقية فليس شئ منهما حجة في خصوص مفاده، وأما أن أحدهما بلا عنوان حجة لكي ينتفي به الثالث المخالف لهما فهو أمر ممكن، كما يحتمل أن لا يعبأ بشئ منهما أصلا بعد هذا الاختلاف، ولا طريق لإثبات كل من الوجهين إلا ثبوت أن أحدهما بالخصوص هو حكم العرف والعقلاء في موارد تعارض الطرق، وليس شئ منهما واضحا عندي، وعهدة دعوى كل منهما بالخصوص على مدعيها.
وكيف كان فالمتحصل مما تقدم: أن مقتضى القاعدة الأولية هو سقوط كل من المتعارضين عن الطريقية وعن الحجية في خصوص مفادها، بلا فرق بين المتعادلين وبين غيرهما مما كان لأحدهما مزية على الآخر، إلا أنه لابد وأن يكون كلا الطرفين واجدا لشرائط الحجية فلو خرج أحدهما عن ضابطة الحجية لما قاوم الآخر، وكان الآخر الجامع للشرائط حجة بلا معارض.
4 - فصل في مقتضى أخبار العلاج إن الأخبار الواردة في علاج المتعارضين على ثلاث طوائف: أولاها ما تدل على التخيير في العمل بكل منهما مطلقا، الثانية ما تدل على عدم حجية كل منهما ووجوب التوقف عن الفتوى بكل منهما، والثالثة ما تدل على وجوب الأخذ