2 - فصل في ثمرة هذا الاختلاف لما كان عموم أدلة اعتبار السند أو الظهور يقتضي صدور كل خبر معتبر السند وتعلق الإرادة الجدية بمفاده، وإذا انضمت إليها أصالة الجهة كان مقتضاها أن مفاده مراد واقعي من دون تقية.
فإذا وقع بين مفادي الدليلين اختلاف، فإن كان اختلافا بدويا غير مستقر يجمع بينهما جمع عقلائي يرتضيه العرف، فلا اشكال، إذ معه يكون بعضها قرينة للمراد بالآخر، وعونا في انفهام مراد المتكلم من مجموع كلماته، فيكون مقتضى القواعد الحكم بصدور الكل، وإرادة مضامينه بما تقتضيه الأصول اللفظية بعد انضمام بعضها إلى بعض.
وأما إذا كان الإختلاف مستقرا دائميا، والمفروض أنه لا جمع بينها عرفيا فيتحير العرف حينئذ، ويحكم بورود خلل في بعض هذه الأدلة والأصول: إما في ناحية الصدور، وإما في ناحية الإرادة، وإما في ناحية جهة الإرادة، والظاهر أنه لا مزية لإحدى الجهات على الأخرى.
وبعبارة أخرى: إن العثور على مراد أحد إذا كان من ناحية كلامه المنقول موقوف على صدور كلام منه، وعلى تحمل صحيح من سامعه، وعلى بقائه كما صدر في حفظه، وعلى أدائه كما هو في الرواية، وعلى تحملنا له كما هو، وعلى تعلق إرادته بمدلول كلامه، وعلى أن تكون إرادته له لأجل بيان الحكم الواقعي.
فإن لم يكن للكلام المروي ما يخالفه، أو كان هنا جمع عقلائي عرفي فجميع هذه المراحل أو أزيد منها ثابتة كما هو المتوقع، ويتحقق الظفر بمراد المتكلم، وأما إذا اختلف الدليلان ولم يكن هنا جمع عرفي فيحصل العلم الاجمالي بوقوع الخلل في بعض هذه المراحل، وعدم مطابقة بعض هذه الأدلة والأصول للواقع، فإن كان بينها ما كان قطعيا خرج هو عن أطراف العلم الإجمالي، وبقي الباقي طرفا له، وحينئذ فيقع التعارض بين أدلة اعتبارها بلا رجحان لأحدها على الآخر.