المقصد السابع في الأصول العملية وقبل الورود في أصل البحث تقدم أمور:
الأول: قد عرفت أن القطع أو الظن المعتبر طريق إلى ما تعلق به وقام عليه، ولذلك يكون الحكم الشرعي أو موضوع الحكم هو ما تعلق به القطع أو الظن المعتبر، من دون أن يكون أحدهما مأخوذا في موضوع الحكم، اللهم إلا في الموضوعي منهما... وأما الشك فهو موضوع للحكم الشرعي، فالحكم الشرعي هناك تعلق بنفس الواقع، والظن أو القطع طريق إليه، وهاهنا قد تعلق حكم شرعي بالشك في الحكم الواقعي فمشكوك الحلية والحرمة حلال مثلا، والحرمة أو الوجوب المجهول موضوع عن الأمة لا يؤاخذ عليه.
فيحتمل في مورد الحكم بالحلية والوضع عن الأمة في الحرمة المجهولة - مثلا - أن تكون الحرمة ثابتة واقعا، كما هو مقتضى اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين بها، فإن كانت الحرمة ثابتة واقعا فقد اجتمع حكمان: الحرمة الواقعية، ورفعها أو الحلية بما أنها مشكوكة، وقد فرغنا عن جواز اجتماعهما في أوائل مبحث الظن.
الثاني: لما كان موضوع الأحكام الثابتة على الشك والجهل المعبر عنها بالأحكام الظاهرية نفس الشك في الواقع والجهل وعدم العلم حكما كان أو موضوعا - وقد حققنا أن المراد بالعلم في الكتاب والسنة أعم من القطع