الرواية كما مر بيانها في موثقة عمار أنها بصدد جعل الطهارة للماء في زمن الجهل بقذارته، من غير دلالة لها على اعتبار حالته السابقة، فالرواية لا تدل على أزيد من قاعدة الطهارة وإن كانت عامة لمورد استصحابها، فلو لم يكن دليل على اعتبار الاستصحاب لما كانت فيها دلالة. والله العالم.
وقد مر أن في دلالة الروايات العامة على اعتبار قاعدة الاستصحاب غنى وكفاية.
تنبيهات:
فبعد أن ظهر اعتبار الاستصحاب ينبغي البحث عنه في ضمن أمور عن حدود اعتباره وبعض أحكامه، فقد: قيل بالتفصيل في حجيته في بعض الموارد، وكيف كان فنبحث عن هذه الجهات في أمور:
الأول في أن الاستصحاب معتبر مطلقا أو في خصوص الشك في الرافع؟
فعن المشهور اعتباره مطلقا، واستظهر الشيخ الأعظم (قدس سره) اختصاصه بما كان الشك في الرافع، ترجيحا لما أبدا احتماله المحقق الخونساري، وتبعه المحقق الهمداني، والعلامة الميرزا النائيني (قدس سرهما).
والحق ما عليه المشهور لإطلاق أدلة الاعتبار، فإن ما ذكروه غير قابل لتقييده، وهو وجوه:
الأول ما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره) في الفرائد، وحاصله: أنه لا ريب في أن المراد باليقين المذكور في قولهم: " لا ينقض اليقين بالشك " الذي هو العمدة من أدلة اعتبار الاستصحاب ليس نفس الصفة النفسانية، إذ هي قد انتقضت بالشك فعلا وباقية كما كانت بالنسبة إلى ما قبل زمان الشك، فليس نقضه أمرا اختياريا بيد المكلف، بل المراد به: إما نفس المتيقن أو الآثار التي يرتب عليه فعلا بتعلق اليقين