والاستصحاب للعامي الذي يستفتيه، إذ المفروض أن دليلهما لا يعم المقلد العامي.
وأما ما أجاب به سيدنا الأستاذ الإمام الراحل (قدس سره) من أن المجتهد إذا شك في بقاء الحكم الكلي المشترك بين العباد فله الإفتاء به، كما له العمل به، فكما أن الأمارة إذا قامت على حكم مشترك كلي يفتي بمقتضاها فكذلك الاستصحاب أو البراءة، فإذا أفتى وجب على المقلدين العمل به بمقتضى أدلة التقليد.
ففيه أنه إذا كان المفروض أن موضوع الحكم بالبقاء هو الشك في البقاء فلا محالة يختص الحكم المحكوم ببقائه بمن كان شاكا فيه، وحيث إن الفرض أن الشك المأخوذ في دليله لا يعم شك المقلد فكيف يعمه ذلك الحكم، فكما أن استصحاب بقاء نجاسة الماء لا يعم من لم يشك في بقائها فهكذا هنا حرفا بحرف.
والحكم المشترك الكلي فيما نحن فيه كالحكم الواقعي الجزئي هناك، فان الحكم الواقعي جزئيا أم كليا حكم واحد مشترك بين العباد، وإنما اختلفوا في الوظائف الظاهرية لاختلافهم في قيام الأدلة الظاهرية وشمول موضوعها لهم. والله العالم وله الحمد.
المقصد الثالث في التقليد إن جواز التقليد عن المجتهد إنما هو من آثار إجتهاده، فلذلك يكون مبحث التقليد داخلا في مباحث الإجتهاد، وفصلا من فصوله.
وكيف كان فالتقليد بحسب اللغة جعل الشئ ذا قلادة، قال في المصباح المنير: (القلادة معروفة والجمع قلائد، وقلدت المرأة تقليدا: جعلت القلادة في عنقها، ومنه تقليد الهدي، وهو أن يعلق بعنق البعير قطعة من جلد ليعلم أنه هدي).
ولا ريب في أن إطلاقه في ما نحن فيه مبني على نحو من الادعاء، وإلا فلا يجعل العامي شيئا في عنق مجتهده.
وحينئذ فالمناسب للادعاء هنا أن التقليد هو عمل العامي مستندا إلى فتوى