الثوب لتبين أنه هل أصابه الدم أم لا في بعض الموارد إلا مثل النظر إلى الأفق، وقد صرح الإمام (عليه السلام) بأنه ليس عليه ذلك، وأنه يجري فيه قاعدة الاستصحاب إلا أن يريد هو نفسه إذهاب الشك الذي وقع في نفسه.
وكيف كان فمقتضى القاعدة في الشبهات الموضوعية أن جريان الأصول فيها لا يحتاج إلى الفحص أصلا، تحريمية كانت أم وجوبية، سهلا كان تحصيل العلم بالموضوع أم صعبا، نعم، في كل مورد قام الدليل على لزوم الفحص نقول به ونقيد إطلاق الأدلة به. والله العالم.
وقد ذكر الفاضل التوني لجريان البراءة شروطا ثلاثة اخر الأول: أن لا يكون إعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى، مثل أن يقال في أحد الإناءين المشتبهين: الأصل عدم وجوب الاجتناب عنه، فإنه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الآخر... إلى آخره.
أقول: إن كان مراده من هذا الحكم الشرعي الآخر مطلق الحكم الشرعي إلزاميا كان أم لا فلا وجه له ولا توجيه بعد أن كان إطلاق أدلة البراءة شاملا لكلا الموردين، وإن كان مراده خصوص الحكم الشرعي الإلزامي فيمكن توجيهه: بأن أصالة البراءة مبنية على الامتنان، ولا منة فيها إذا كانت مستلزمة لتكليف إلزامي آخر من جهة أخرى.
إلا أنه يمكن أن يقال: إن مفاد حديث الرفع - كما عرفت عند البحث عنه - هو رفع ما فيه ثقل وكلفة على الأمة المكلفين عن عاتقهم، وإن كان فيه منة فإنما هي بلحاظ رفع هذا الثقيل عن كاهلهم، ولا نسلم لزوم أن يكون فيه منة أزيد من هذا، وحيث إن المرفوع فيه مطلق " ما لا يعلمون " سواء كان مستلزما لتكليف آخر أم لا - كما هو الغالب - فالمنة اللازم وجودها ليست أزيد من المنة اللازمة في رفع هذا الثقيل، وأما أن يكون في رفعه منة ولو بلحاظ جميع لوازمه وملازماته فلا.