فهو نفسه تمام الملاك في صحة هذا الترخيص وفي جعل الأحكام الظاهرية، وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل المقال في ذلك المبحث.
هذا كله في منجزية العلم الإجمالي.
المقام الثاني: في أنه هل يجوز الاكتفاء بالامتثال الإجمالي مع التمكن من الامتثال التفصيلي أم لا؟
والحق جوازه حتى في العبادات، وحتى في ما كان مستلزما للتكرار، وذلك لعدم اعتبار قصد الوجه ولا التميز، بل تمام اللازم في العبادات أن تقع لله تعالى، وهذا القيد حاصل مع التكرار أيضا.
وشبهة اللعب بأمر المولى - مضافا إلى عدم مجال لها إذا كان للمكلف غرض عقلائي في التكرار، وإن كان هو مجرد الاستراحة عن الرجوع إلى المدارك، أو إلى العالم بالحكم أو الموضوع حسب اختلاف الموارد - مدفوعة: بأن الامتثال إنما يقع بمصداق واحد لا غير، وإتيانه خال عن اللعب، كما لا يخفى، والظاهر أنه المراد مما يقال: إن اللعب في طريق الامتثال لا في نفس الامتثال.
كما أن دعوى الإجماع الذي قد يستظهر من كلام السيد الرضي، المؤيد بتقرير أخيه الأجل المرتضى أيضا مندفعة:
أولا: بأنه من المحتمل استناد المجمعين إلى بعض هذه الوجوه غير التامة.
وثانيا: بأن مورد دعوى السيد الرضي ظاهر في خصوص ما إذا صار الجهل بحكم العبادة موجبا لوقوعها فاقدة لبعض الشرائط أو الأجزاء، كما في الجهل بأعداد الركعات، ولا يعم مثل ما نحن فيه الذي يكون المفروض إتيان المصداق الكامل منها.
وحيث إن الداعي الأصلي للمحتاط بالتكرار هو أن يوافق ويطيع أمر المولى، وهذا الداعي يدعوه إلى الإتيان بكل المحتملات، لمكان احتمال اتحاد المأمور به معها، فالعبارة الواقعية قد أتى بها لأمر الله تعالى بها. فأمره تعالى هو داعيه