واردا على استصحاب نجاسة ما غسل بذلك الماء، يرفع موضوعه تعبدا أو حقيقة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وهو بخلاف الأمر هاهنا فإن استصحاب القضية التعليقية حاكم على استصحاب الحكم التنجيزي، ورافع لموضوعه تعبدا كما عرفت، فما نحن فيه نظير ما عرفت في الأمر الثاني من أن الاستصحاب الجاري في الأحكام الجزئية محكوم لما يجري في الأحكام الكلية، فتذكر، والله الهادي.
ومنه يظهر ما في كلام سيدنا الأستاذ (قدس سره) من وحدة المقامين، فراجع.
الأمر التاسع استصحاب أحكام الشرائع السابقة قال أكثر الأعاظم (قدس سرهم) بجريانه، لأن المقتضى الاثباتي له - وهو عموم أدلة حجية الاستصحاب أو إطلاقها - موجود، والموانع المذكورة لا تصلح للمانعية، وذلك أن ما يمكن أن يعد مانعا أمور:
الأول: أن ما تعلق اليقين به هو ثبوت الحكم لمن كان من أهل الشريعة السابقة، وما يشك فيه إنما هو ثبوته لغيرهم، أعني: المسلمين الذين جاؤوا بعدهم، فلم تتحد القضية المتيقنة والمشكوكة، وليس ركن اليقين السابق بما يشك فيه موجودا.
وعمدة الجواب المذكور في كلامهم عنه: أن الأحكام إنما تجعل في قالب القضايا الحقيقية التي موضوعها جميع الأفراد، محققة كانت أو مقدرة، فقد قدر وجود جميع أفراد الموضوع وحكم عليها، ونشك في ارتفاع الحكم عن من وجد منهم بعد نسخ أصل الشريعة فيحكم الاستصحاب ببقائه.
أقول أولا: إن ما يوجد في كلمات جمع من المشايخ (قدس سرهم) من أن الأفراد غير الموجودة حين إنشاء الحكم يقدر وجودها ويحكم عليها، سواء كان بمعنى فرض أن جميعها موجودة حينه أو بمعنى أن المتكلم يضمر في نفسه قضية شرطية في مضمون أنه " إذا وجد أحد وكان مستطيعا فيجب عليه الحج مثلا " أمر غير متين،