من كان عالما بالواقعيات والأدلة الشرعية الممضية لها، يمضيها بمالها من العرض الوسيع عند العقلاء، فالصحيح حينئذ جواز التقليد عمن إعتقد الانسداد، وإن كان الحق بطلان هذا الاعتقاد.
المبحث الرابع في التقليد عن المجتهد المتجزئ وقد يستشكل جوازه لدعوى عدم الإطلاق في أدلة جواز التقليد، وعدم إحراز أن بناء العقلاء أو سيرة المتشرعة على الرجوع إلى مثله أيضا.
والظاهر أنه لا وجه للإشكال فيه، فإنه لا فرق عند العقلاء بين المتجزئ والمطلق إذا كان المتجزئ أيضا قد استفرغ الوسع اللازم في المسألة كالمطلق، ويشهد له تقسيم العلوم إلى شعب، وحصول التخصص لأحد في بعض شعبه كالطب في زماننا، فالمجتهد المتجزئ كالمتخصص في شعبة خاصة من الطب، فهو عالم بما استنبطه، ويجوز الرجوع إليه عملا بقاعدة جواز رجوع الجاهل إلى العالم، وحينئذ فيعمه الأدلة اللفظية للتقليد أيضا، إذ لا وجه حينئذ لدعوى انصرافها عنه، كما لا يخفى.
المبحث الخامس في لزوم تقليد الأعلم قد عرفت أن العمدة في أدلة التقليد مسألة جواز رجوع الجاهل إلى العالم، فهي قاعدة عقلائية قد أمضاها الشارع كتابا وسنة، وأن الإطلاقات اللفظية منزلة عليها، فالمهم في كل مورد وخصوصية تبيين مشي العقلاء وإجرائهم لهذه القاعدة في ذاك المورد ومع تلك الخصوصية وعدمه.
وعليه فالظاهر عدم إلتزامهم من أول الأمر بالفحص عن الأعلم بل هم يرجعون إلى من كان عالما وأهل خبرة، يسألونه عما يحتاجون إليه في عملهم،