المكلفين ورفع حيرتهم.
والحاصل: أن مسؤولية الاستصحاب ومفاده في جميع موارد جريانه ليست أزيد من الحكم ببقاء المستصحب، وهذه المسؤولية يؤديها ويفي بها هنا أيضا كسائر الموارد ثم إن الأدلة الاجتهادية هي التي تنطبق ببركة الاستصحاب على الموضوعات المستصحبة، وتحكم مفادها عليها، وحينئذ فلا فرق بين أن يكون مفاد الدليل الإجتهادي حكما مجعولا من الأحكام الشرعية، أو قاعدة كلية رافعة لتحير الناس، ومبينة لوظيفتهم نظيرها، كما لا يخفى، فلا نعتمد في إثبات الإطلاق على مجرد حديث السببية والمسببية لكي يرمى بالبطلان والمثبتية، بل عمدة المقال ما مر من: أن شأن النبي والإمام القائم مقامه غير مقصور على بيان الأحكام الخمسة المجعولة وما إليها، والله العالم.
ومنها: " خبر مسعدة بن صدقة " وقد رواه في الكافي والتهذيب بإسنادهما عنه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سمعته يقول: " كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون (عليك - يب ئل) قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه، أو خدع فبيع، أو قهر، (أو خدع فبيع قهرا - ئل)، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة " (1).
والاستدلال به في مطلق الشبهة الحكمية بأن يقال: إنه قد حكم على كل شئ لم يعلم حرمته بالحلية، والشئ كما أنه شامل ويقال على الأمور الجزئية كذلك يقال على الأنواع الكلية، كما يقال مثلا: إن الحنطة شئ غير الشعير، فلو لم يعلم حرمة شئ (كالتتن) فبحكم الحديث هو حلال حتى يعلم أنه حرام. وأما الشبهة الوجوبية: فإما أن يعمها حكم الحديث بعدم الفصل، وإما بأن ترك كل واجب حرام، فيحكم على ترك محتمل الوجوب بالحل.