لكنه كما ترى مختص بما إذا أمكن تأخير الواقعة، وإلا فظاهره حجية خصوص ما فيه خلاف العامة، هذا. مع أن سنده ضعيف بالإرسال.
فهذه الطائفة قد وجدت فيها روايات معتبرة السند تامة الدلالة على عدم جواز العمل بشئ من الخبرين المختلفين، وإطلاقها شامل لما إذا كانت لأحدهما مزية على الآخر ولما إذا كانا متعادلين.
وقد يقال باختصاصها بزمن حضورهم (عليهم السلام)، لما في جميعها من جعل غاية التوقف أن يسأل الإمام (عليه السلام) أو يأتي البيان من عندهم، فشمولها لأمثال زماننا مما لا يرجى أن يأتي من عندهم البيان غير واضح.
إلا أن لقائل أن يقول: إن مفاده عدم حجية المتعارضين لأجل التعارض والاختلاف، وذكر السؤال وإتيان البيان ليس إلا تعليق الحكم باتضاح الواقع وتميز الحق من الباطل، فإنه بالسؤال عنهم وإتيان البيان من عندهم يتبين الحق ويعلم الواقع، ويتبين الحق من الحديثين، ويرتفع الغشاء من البين، فمفاده عام لجميع الأزمنة فتدبر جيدا.
وكيف كان فإذا وضعت هذه الطائفة جنب بعض أخبار الطائفة الثالثة، مثل مقبولة ابن حنظلة الصريحة في حجية مخالف العامة في زمان الحضور ومع إمكان إرجاء الواقعة - كما يظهر من ذيلها -، فلا محالة يكون أخبار الطائفة الثالثة قرينة إما على حمل مفاد الهيأة الآمرة بالتوقف على الندب والفضل، وإما على تقييد إطلاقها بما إذا لم يكن هنا بعض المزايا المذكورة، والأظهر هو الجمع الأول لبعد أن تكون ناظرة إلى خصوص المتعادلين، وعلى أي حال فالأمر سهل.
الطائفة الثالثة: أخبار الترجيح الظاهرة في وجوب الأخذ بذي المزية، وهي أخبار متعددة ذات مضامين مختلفة، بحيث ربما يقال بتعارضها بنفسها وعدم إمكان الاستفادة منها في علاج غيرها، إلا أن التحقيق أنه وإن كان ربما يتراءى ابتداء بينها التعارض إلا أنه يرتفع بالتأمل فيها.
وبيان ذلك: أن هذه الأخبار على ألسنة مختلفة: