سلام بن المستنير (1) - فعدم دلالتها على وجوب التوقف واضح، بل فيها أمارات عدم الوجوب، ولا نحتاج إلى بيانها، فراجع.
الطائفة الرابعة: أخبار تضمنت البعث إلى عنوان الاحتياط، وهي روايات:
منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن (عليه السلام) الواردة في رجلين أصابا صيدا وهما محرمان، فلم يدريا أن الجزاء بينهما أو أن على كل منهما جزاء مستقلا، حيث قال (عليه السلام): " إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا " (2).
والاستدلال بها مبني على كون الإشارة بهذا إلى كل ما لا يعلم حكمه الشرعي، ليكون مفاد كلامه (عليه السلام) وجوب الاحتياط فيه.
لكن فيه - كما قال الأعاظم (قدس سرهم) - أولا: احتمال أن تكون الإشارة به إلى السؤال عن حكم، فيكون مفاده التحذير عن المبادرة إلى الجواب حتى يعلم.
وثانيا: أن موردها الشبهة قبل الفحص التي يتمكن من رفعها بالرجوع إلى مصادر التشريع، فلا تنفع الصحيحة لما نحن فيه.
ومنها: معتبر عبد الله بن وضاح، عن العبد الصالح (عليه السلام)، ففيه: أنه (عليه السلام) كتب إليه في الجواب: أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة، وتأخذ بالحائطة لدينك " (3).
وأنت تعلم أن نفس التعبير لا حجة فيه على أزيد من استحباب الاحتياط، مضافا إلى أنه لا إطلاق له يعم ما نحن فيه، بل الذي يقوى في النفس أن خصوصية تعبيره (عليه السلام) شاهدة على أنه كان في تقية شديدة، فأرشد السائل إلى وظيفته الواقعية في قالب حسن الاحتياط، ولا دليل فيه على وجوب الاحتياط أصلا، فضلا عن عمومه لغير مورده. وتفصيل المقال مذكور في المطولات.