لا يمكن لقاء المعصوم والسؤال عنه. ومثلهما في الجملة خبر سماعة المروي عن الاحتجاج (1).
وأما مرفوعة زرارة فلو قيل بمفادها لخرج المورد عن كونه مجرى شئ من الأصلين، فإن مجراهما ما إذا كان المكلف شاكا لا طريق له إلى الواقع، وإذا جعلت موافقة الاحتياط من المرجحات كان الخبر الموافق له حجة وطريقا إلى الواقع، ولا مجال معه لشئ من أصالة البراءة أو الاحتياط أصلا. إلا أن المرفوعة ضعيفة السند غير معمول بها، ولا سيما في هذه الفقرة، والمرفوعة لم تذكر إلا في مجموعة ضم مؤلفها بين الغث والسمين كما اعترف به مثل صاحب الحدائق.
وتمام الكلام في مباحث التعادل والترجيح.
فالصحيح: أنه لا فرق بين أقسام الشبهة التحريمية، كما أنه لا فرق بينها وبين الشبهة الوجوبية بأقسامها، وأن الحق في جميع موارد الشك في التكليف بعد عدم قيام الحجة على التكليف وبعد الفحص عن الدليل في الشبهات الحكمية هو أصالة البراءة. والحمد لله وحده.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: أن أصالة البراءة إنما تجري إذا لم يكن هنا أصل موضوعي أو حكمي، ضرورة أنه إذا كان هنا أصل محرز للموضوع، كأن شك في حلية مائع وخمريته وعلم حالته السابقة فالاستصحاب يحكم بأنه خل إذا كانت حالته السابقة الخلية، وبأنه خمر إذا كانت هي الخمرية، وببركته يدخل في عموم ما دل على حلية الخل في الأولى، وفي عموم ما دل على حرمة الخمر في الثانية، فعموم دليل حلية الخل أو حرمة الخمر يدل على حليته أو حرمته، والعموم دليل اجتهادي لا تصل النوبة معه إلى أصل.