بنفسه عن متعلقه، وفي الحقيقة كلاهما من أقسام القطع الطريقي المأخوذ في موضوع الأحكام، إلا أن أحدهما بما أنه مصداق للطريق المعتبر، والثاني بما أنه طريق خاص كاشف بنفسه عن متعلقه، والشاهد عليه أنه جعل من الثاني اعتبار القطع بالمشهود به في جواز الشهادة به على قول، وعدم جواز أدائها استنادا إلى البينة واليد، مع أن من الواضح أنه لو اعتبر القطع بالمشهود به فإنما هو لأن يتضح المشهود به لدى الشاهد كما يرى كفه، لا لمجرد حصول صفة القطع له، كما لا يخفى. وعليه فالحق في تفسير كلام الشيخ (قدس سره) مع الدرر (1)، لا مع نهاية الدراية (2)، فراجع.
إذا عرفت أقسام القطع فيقع الكلام في أنه هل تقوم الطرق المعتبرة والأصول العملية مقام القطع بنفس أدلة اعتبارها أم لا؟ فالكلام يقع في مقامين:
الأول: في قيام الطرق المعتبرة مقامها، فنقول: لابد من ذكر مقدمة لاتضاح ما هو التحقيق عندنا، وهي: أنه لا ينبغي الريب في أن أساس حجية الأمارات الغير العلمية عند العقلاء ليس إلا أنهم يرون قيام تلك الطرق إحرازا ووصولا لما قامت عليه، ولذلك لما أحرز وكان متحققا، فلا محالة تترتب عليه آثاره وأحكامه، وأما أن هذا الوصول والإحراز منزل منزلة القطع بحيث يكون هذا الظن وجودا تنزليا وادعائيا للقطع، أو أن ما أحرز وقام الطريق عليه فهو نازل منزلة الواقع، بحيث يكون ما قام الطريق عليه وجودا ادعائيا للواقع، أو أن ما قام الطريق عليه فهو محكوم فعلا بحكم الواقع، بحيث يكون حكم فعلي مترتبا عليه، سواء وافق الواقع أو خالفه فلا، بل ليس من التنزيل في نفس الأمارات، ولا في مؤداها، ولا من ثبوت حكم مماثل على مؤداها عين ولا أثر عند العرف والعقلاء، بل القطع عند العقلاء فرد ومصداق جلي من الإحراز والوصول، والامارة أيضا مصداق آخر منه في عرضه، لا أن أحد الاحرازين أو مؤدى أحدهما نازل منزلة الآخر وفي