4 - فصل في الاستصحاب قد مر في مقدمة مبحث القطع والبراءة: أن مجرى الاستصحاب ما إذا شك في بقاء أمر بعد فرض تحققه، إلا أنه إجمال موضوعي، والبحث التفصيلي عنه قد حان حينه، ونستعين الله تعالى توفيق الاهتداء إلى الحق فيه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقبل البحث عن الاستدلال عليه تقدم أمور:
الأول: أن القائلين باعتبار الاستصحاب وإن فرض أنهم مختلفون - من حيث إن اعتباره على نحو الأمارية أو في قالب أصل عملي، ومن حيث إن دليل اعتباره هل هو السنة أو الإجماع أو سيرة العقلاء عملا أو حكمهم باعتباره... إلى غير ذلك - إلا أنهم مشتركون في أن القول باعتباره يؤدي إلى الاعتراف والتصديق بقضية كلية هي: " أن كل شئ وجد ثم لم يعلم بقاؤه وارتفاعه فهو باق " غاية الأمر أن هذه القضية على الأمارية نتيجة قيام طريق معتبر عليها، وعلى كون الاستصحاب أصلا عمليا مفاد أصل عملي، وهذا الاختلاف لا يمنع عن وحدة مفهوم القضية، بل هو كما إذا قيل: " هذا الماء طاهر " فإن له مفهوما واحدا يصدق بقيام أمارة على طهارته أو دلالة كل شئ طاهر عليها.
وبعد ذلك نقول: لا يبعد دعوى أن حقيقة الاستصحاب ليست إلا هذه القضية الكلية بغض العين عن الخصوصيات والقيود التي ربما تقتضي الأدلة اعتبارها