الأطراف.
ففيه: أن العلم وإن لم يختص بالقطعي إلا أنه مرادف في الفارسية ل " دانستن " وهو لا يطلق إلا في موارد الطرق المعتبرة، ويلحق بها كل ما تعبد بأنه علم، كالاستصحاب، وإلا فمجرد الاحتمال المنجز لا يصدق عليه العلم قطعا.
إلا أن هنا أخبارا خاصة ربما يستفاد منها وجوب الاحتياط التام في أطراف العلم الإجمالي.
منها: موثقة عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو؟
وحضرت الصلاة وليس يقدر على ماء غيرهما؟ قال: " يهريقهما جميعا ويتيمم " (1).
ومثلها موثقة سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) بل لعل سماعة هو السائل المذكور في موثقة عمار.
وكيف كان فبيان دلالتهما: أن من الواضح اتحاد لسان أخبار أصالة الحل وأصالة الطهارة، وأنه لو جرت أدلة أصالة الحل في أطراف العلم الإجمالي لجرت أدلة أصالة الطهارة، ومقتضاها حينئذ هو الحكم بطهارة ماء كلا الإناءين، وبجواز بل وجوب الوضوء بأحدهما، وقد حكم الإمام (عليه السلام) بعدم الاعتناء بهما وإراقتهما والانتقال إلى التيمم، وفي الأمر بإراقتهما دلالة على أنه لا ينتفع بشئ منهما ولو في الشرب ونحوه أيضا، وحيث إن العقلاء يحكمون - كما عرفت - بتمامية البيان ولزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف فمن مثل هاتين الموثقتين يفهمون بسهولة ووضوح أن الشارع قد أمضى هذه القاعدة المركوزة لديهم، وأنه أيضا يرى وجوب الاحتياط التام في أطراف العلم الإجمالي.