بل الحق: أن ما يعبر عنه بالجنس هو النوع المتوسط الذي يكون ماهية تامة متحصلة، وحينئذ فإن كان التكليف متعلقا بهذا المعنى النوعي فهو مطلق، بمعنى أنه تمام ما هو مورد عناية المولى ونظره، لا أن التقيد بالإطلاق قيد له، بل الإطلاق لا معنى له، إلا أنه تمام الموضوع لمراد المولى قبال تقييده بقيد يضاف إليه، وحينئذ فإذا قيس المطلق والمقيد فلا محالة يكون حقيقة المطلق - أي نفس المعنى الكلي - موجودة في المقيد، ولذلك يأتي ذاك الانحلال الذي هو تمام المناط لجريان البراءة عقلا ونقلا.
فلا يصغى حينئذ إلى ما في تعليقة بعض أهل التحقيق، من أن النوع ليس نسبته مع الجنس المطلق القابل للانطباق على فرد آخر نسبة الأقل والأكثر، فإن من البديهي أن ما هو في ضمن النوع ليس الحيوان على الإطلاق، بل ليس في ضمنه إلا حصة منه مبائنة مع حصة أخرى في ضمن فرد آخر. انتهى ما أردنا نقله، فراجع (1) وتدبر جيدا، والله العالم وهو العاصم.
الأمر الثاني: إذا كان الشك في الجزئية أو الشرطية من جهة الشبهة في موضوع خارجي، كما إذا وجب صوم شهر هلالي فشك في أنه ثلاثون أو ناقص، أو وجبت الصلاة مع الطهارة فشك في أنه متطهر أم لا، ولا أصل يثبت الطهارة أو الحدث، فقال الشيخ الأعظم (قدس سره): إن اللازم الاحتياط، لأن المفروض تنجز التكليف بمفهوم مبين معلوم تفصيلا، وإنما الشك في تحققه بالأقل، والبيان الذي لابد منه قد وصل من الشارع، فلا تقبح المؤاخذة على ترك ما بينه تفصيلا، بل العقل يحكم بوجوب القطع بإحراز ما علم وجوبه، فلا تجرى البراءة العقلية ولا الشرعية. انتهى. وتبعه عليه غيره من المشايخ العظام (قدس سرهم).
أقول: إن الأمر كما أفادوه فيما إذا كان المكلف به أمرا كليا مبين المفهوم يشك في تحقق مصداقه لأجل الشك في تحقق ما هو جزء له أو شرط، كمثال الشك في