الأصل الأفرادي، بمعنى: أن موضوع الأصل الزماني هو الحكم الذي يثبته العام في أفراده، فإن مفاده أن هذا الحكم مستمر في جميع الأزمان، وعليه فهذا الذي اختاره من عدم جواز الرجوع إلى العام لا يختص بما إذا اخذ الزمان قيدا للحكم، بل يجري - على تسليمه - في ما كان ظرفا محضا أيضا.
وثانيا: أن التفرع المذكور وإن كان صحيحا إلا أنك قد عرفت أن لنا أصلين:
أصل الإطلاق أو العموم الأفرادي وأصل العموم أو الإطلاق الأزماني، فبالأول يثبت أصل الحكم ويحرز موضوع الأصل الثاني، وليس هنا أصل واحد لكي ينجر الأمر إلى إثبات موضوع الدليل بحكمه، وقد عرفت تفصيل المقال، ولا حاجة إلى التكرار. والحمد لله الكبير الموفق المتعال.
الرابع عشر المراد بالشك في الاستصحاب لا ينبغي الريب في أن المراد بالشك في أخبار الاستصحاب هو المعنى الأعم من التردد المساوي طرفاه والظن الغير المعتبر بالوفاق أو الخلاف، وذلك أن الشك - في اللغة - هو نقيض اليقين، كما عن الخليل في العين، أو خلاف اليقين، كما عن الصحاح، فما ليس بيقين فهو شك في لغة العرب.
قال في المصباح المنير ما نصه: (الشك الارتياب، يقال: شك الأمر يشك شكا إذا التبس، وشككت فيه. قال أئمة اللغة: الشك خلاف اليقين، فقولهم: " خلاف اليقين " هو التردد بين شيئين، سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر، قال الله تعالى: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك " قال المفسرون: أي غير مستيقن، وهو يعم الحالتين. قال الأزهري في موضع من التهذيب: الظن هو الشك، وقد يجعل بمعنى اليقين، وقال في موضع: الشك نقيض اليقين، ففسر كل واحد بالآخر. وكذلك قال جماعة. وقال ابن فارس: الظن يكون شكا ويقينا... إلى آخره انتهى. وقريب منه ما في مجمع البحرين.