والعمل بخصوص ذي المزية.
أما الطائفة الأولى فقد ادعى الشيخ الأعظم (قدس سره) استفاضتها، بل تواترها، ونسب إلى المشهور بل جمهور المجتهدين القول بمفادها في المتعادلين من المتعارضين. وهي عدة من الأخبار:
منها: ما رواه ثقة الاسلام في أصول الكافي في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ فقال: " يرجئه حتى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتى يلقاه " (1).
بيان الدلالة أن موضوع السؤال هو الإختلاف الناشئ عن اختلاف خبرين متعارضين أحدهما يأمر بشئ والآخر ينهى عنه، وقد حكم (عليه السلام) بأنه في سعة منهما، والسعة عبارة أخرى عن تخييره في العمل بكل من الخبرين.
وفيه: أن الفقرة الأولى من الجواب قد أمرت بإرجاء الأمر إلى أن يلقى من يخبره، وهو من يكون خبره حجة معتبرة قطعية، وهو الإمام (عليه السلام) فقد دلت على أن ليس له أن تأخذ بخصوص أحد الخبرين ويجعل مفاده حكم الله تعالى، بل عليه أن يتوقف عن الأخذ بكل منهما والفتوى به، وحينئذ فالفقرة الثانية الحاكمة بأنه في سعة في هذه الفترة، يراد بها أنه ليس في ضيق لكي يجب عليه الإحتياط بالتزام واحد منهما، بل هو بالنسبة لمقام العمل في سعة في الفعل والترك، وهذه السعة إما مفاد حديث الرفع وقبح العقاب بلا بيان، أو مفاد التخيير العقلي في الدوران بين الوجوب والحرمة، وأيا ما كان فهو غير التخيير في مقام الأخذ بالخبر والفتوى به، فالموثقة من أدلة التوقف لا التخيير.
نعم، لا يبعد أن يقال إن مورد السؤال اختلاف المفتيين في الفتوى، بقرينة نسبة الأمر والنهي إليهما لا إلى دلالة روايتهما، فالمستفتي في عين أنه لم يصل