ففيه: أنه بعد كون موضوع جواز التقليد هو من له جهل فعلي بالحكم فأدلة جوازه تعم المجتهد الذي لم يستفرغ وسعه ولم يستنبط الأحكام، وحيث إن قول المجتهد طريق له فالاستناد إليه استناد إلى طريق معتبر حجة يكون منجزا مع الإصابة وعذرا إذا أخطأ، ومع شمول أدلته له لا يتنجز الأحكام المذكورة في أدلتها في حقه إذا استند إلى فتوى الغير التي هي أيضا طريق معتبر، بل المجتهد المذكور حينئذ كمقلد عامي يعلم إجمالا بوجوب إحدى صلاتي الظهر والجمعة، ثم قلد المجتهد الذي أفتى بوجوب الجمعة فعلمه الإجمالي وإن كان حجة على تنجيز الواقع، إلا أن فتوى المجتهد الذي يقلده تكون طريقا معتبرا وحجة له موجبة لسقوط العلم الإجمالي عن التنجيز.
المبحث الثالث في التقليد عن المجتهد الانسدادي قد يقال بعدم جواز التقليد عنه مع وجود من يقول بانفتاح باب العلم والعلمي بالأحكام، بتقريب أن الرجوع إليه ليس من رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى الجاهل، فلا يعمه أدلة جواز التقليد، كما أن مقدمات الانسداد مختصة بنفسه لفرض عدم انحصار المجتهد بمثله، ووجود من يرى انفتاح باب العلم بالأحكام ويكون قوله طريقا لمن يقلده فيها.
والحق جواز التقليد عنه إذا كان المفروض وجود جميع الشرائط الاخر فيه، كأن لا يكون أحد أعلم منه في زمانه، وذلك أنه وإن لم يكن عالما بالأحكام، إلا أنه يدعى العلم بأنه لا دليل ولا طريق معتبر شرعا إلى أحكام الله تعالى، وأن الوظيفة حينئذ هو اتباع الظن في مقام الامتثال، وهو يخطئ غيره ممن يدعى قيام الدليل العلمي عليها، فهو وإن لم يكن عالما بالأحكام إلا أنه عالم بالوظيفة الفعلية وإن كانت حكومة عقلية، فإذا كان المفروض أنه أعلم علماء عصره فقاعدة رجوع الجاهل إلى العالم يجوز أخذ الوظيفة الفعلية منه، ولا تختص القاعدة بخصوص